فإذا جاء اليوم الثامن من شهر ذي الحجة أحرم الحجاج من منازلهم بمكة بالحج، مثلما أحرموا من الميقات يتنظفون، ثم يلبسون لباس الإحرام، ثم ينوي الحاج -رجلًا أو امرأة- الحج، ثم يلبّي به قائلًا:«اللهم لبيك حجًّا»، ويجتنب محظورات الإحرام المتقدمة حتى يرجع من مزدلفة إلى منى في يوم النحر، ويرمي جمرة العقبة، ويحلق الرجل رأسه والمرأة تقصره.
فإذا أحرم الحاج في اليوم الثامن خرج مع الحجاج إلى منى، وبات فيها وصلى فيها كل صلاة في وقتها قصرًا بدون جمع، فإذا طلعت شمس يوم عرفة توجه مع الحجاج إلى نمرة، وجلس بها حتى يصلي مع الإمام أو في المكان الذي هو فيه جماعة الظهر والعصر جمعًا وقصرًا، ثم يتوجه بعد الزوال إلى عرفة، فإن توجه من منى إلى عرفة رأسًا وجلس بها جاز، وعرفة كلها موقف.
ويُكثر الحاج في عرفة من ذكر الله تعالى والدعاء والاستغفار، ويتوجه إلى القبلة لا إلى الجبل؛ لأنَّ الجبل ما هو إلا جزء من عرفات لا يصح صعوده تعبُّدًا، ولا يجوز التمسح بأحجاره، فإنَّ هذا بدعة محرمة.
ولا ينصرف الحاج من عرفة حتى تغيب الشمس، ثم بعد مغيب الشمس ينصرف الحجاج إلى مزدلفة، فإذا وصلوا إليها صلوا فيها المغرب والعشاء جمع تأخير وقصَّروا العشاء، وباتوا بها، فإذا طلع الفجر صلوا الفجر وذكروا الله، ثم توجهوا إلى منى قبل طلوع