للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِنَاءً﴾ [البقرة: ٢٢]، فالمؤمنون عرفوا الله بآياته، ودلائل وجوده وعلمه وحكمته وقدرته سبحانه، والآيات الكونية: هي كل المخلوقات، والآيات الشرعية: هي آيات القرآن.

قوله: (البرهان الأول: الكون والإنسان والحياة … ) إلى آخره: في هذه الجملة الاستدلال بالمخلوق على الخالق، فإنَّ المخلوق لا بدَّ له من خالق، فالمُحدَث لا بدَّ له من مُحدِث، فإنَّ المخلوق لا يخلق نفسه، ولا يوجَد من غير خالق، كما قال تعالى: ﴿أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (٣٥)[الطور]، فهذا برهانٌ عقليٌّ قاطعٌ، فالمخلوق المحدَثُ لا يوجِد نفسه؛ لأنَّه كان عدمًا، والعدم ليس بشيء، ولا يوجَد من غير موجِد، هذا نظرٌ عقلي ضروري، فلا يمكن لعاقل أن يقول: إنَّ هذا حدث من غير محدِث، ويضرب العلماء لتقريب هذا فيقولون: إنَّ هذا فطري في الإنسان، فالطفل الصغير لو ضربه ضارب ثم قال: مَنْ ضربني؟ فقيل له: لم يضربك أحد، فإنَّه لا يطيق ذلك، فهو مفطور على أن المحدثَ لا بدَّ له من محدِث، ولهذا يسأل يقول: مَنْ ضربني؟ (١).

والله تعالى هو الخالق المدبِّر لجميع الكائنات كما قال تعالى: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ [يونس: ٣]، وقال تعالى: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ﴾ [السجدة: ٥].


(١) ينظر: درء التعارض (٨/ ٣٠٥)، وشرح حديث النزول (ص ١٢٤).

<<  <   >  >>