للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: (البرهان السابع: الإنسان: وما في جسمه من الحواس، والجهاز العصبي، والمخ، والجهاز الهضمي، وغير ذلك): هذا هو البرهان السابع، وهو يتعلق بالجسد، والسادس يتعلق بالروح، إذن: فكلٌّ منهما من شأن الإنسان، فالإنسان آية من آيات الله؛ بل الإنسان آيات، قال الله تعالى: ﴿وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (٢٠) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (٢١)[الذاريات]، فنبَّه إلى ما في الأرض من الآيات؛ كالجبال والأنهار والأشجار والأشياء المختلفة في ظاهر الأرض وباطنها، ثم نبَّه إلى ما في النفوس: ﴿وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (٢١)﴾، وهذا يشمل ما في الروح من الدلالة وما في البدن من الدلالة، والبدن فيه العجب العجاب! فآياته ظاهرة؛ فمنها ما هو ظاهر لعموم الناس، ومنها ما هو ظاهر لأصحاب التخصُّصات من أصحاب التشريح والطب، فسبحان الله العظيم! فماذا في الإنسان في هذا الكيان الهائل من الآيات والدلالات في باطنه وفي ظاهره من الأعضاء والقوى الظاهرة والخفية! قال بعض العلماء: إنَّ ما يأكله الإنسان تتعلق به ثلاث قوى: القوى الطالبة التي بها يشتهي الطعام ويجوع، والقوة الهاضمة التي ينهضم بها الطعام ويسلك بها مسالكه في البدن، والقوة المانعة التي تمنع انسلاله من البدن فور وقوعه في المعدة، والقوة الرابعة الدافعة التي تدفع الفضلات فيتخلص منها البدن، فهذه أربع من القوى المتعلقة بما يأكله الإنسان: طالبة وهاضمة ومانعة ودافعة، ذكر ذلك ابن القيم (١) في كلامه على قوله تعالى: ﴿وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (٢١)﴾، وتكلَّم كلامًا كثيرًا في هذا


(١) ينظر: مفتاح دار السعادة (٢/ ٧٨٥).

<<  <   >  >>