للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: (البرهان العاشر: البركة: وهي التكاثر في بعض المخلوقات … ) إلى آخره: الله تعالى نوَّع المخلوقات وفَاوَتَ بينها في الطباع، فالشيخ كأنه ينبِّه إلى أنَّ من المخلوقات ما جعل الله فيه صفةَ النمو والتكاثر والنفع، ومثَّل بالغنم؛ فهي نوع من أنواع الحيوان من شأنه أنَّه يتكاثر وينمو بكثرة المواليد، وفيها منافع عظيمة ينتفع العباد بأكلها وشرب لبنها وبجلودها وصوفها؛ ففيها بركةٌ في ذاتها وفي منافعها، فهي من النوع المبارك، وأنواع أخرى من الحيوانات ليس فيها هذا التكاثر وإن كان فيها منافع؛ كالإبل والبقر، ومن الحيوانات ما يتكاثر تكاثرًا عظيمًا، وليس فيه منفعة للإنسان بل هو مؤذٍ له، ولكن الله خلقه لحكمة يعلمها، ويمكن التمثيل بذلك بالنَّمل، فكأن هذا البرهان يرتكز على آية من آيات الله، وهي تنوُّع المخلوقات، فالله نوَّع المخلوقات ونوَّع طباعها، فلكلِّ نوعٍ من الحيوان طبيعةٌ، وله آثار ومنافع أو مضار، ومن آيات الله: خلق الأضداد في الذوات والصفات، قال ابن القيم: «خلقُ الأضدادِ والمتقابلات هو من كمال الربوبية، كالليل والنهار، والحر والبرد، واللذة والألم، والخير والشر، والنعيم والجحيم» (١).

وقوله : (وعكس البركة: الفشل): فيه نظرٌ، ولا سيما حين مثَّل للفشل بالكلاب والقطط؛ فلا يُعرَف وصفُ القطط والكلاب بالفشل، والمعروف أنَّ الفشل هو خيبة الإنسان فيما يؤمِّله؛ كالهزيمة أمام العدو، والخسارة في التجارة؛ قال تعالى: ﴿وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا﴾ [الأنفال: ٤٦]،


(١) مدارج السالكين (١/ ١٩٦).

<<  <   >  >>