وهذا النبي الكريم الذي ختم الله به رسله، وبعثه إلى الناس جميعًا، هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي، أشرف وأصدق رجل في أشرف قبيلة على وجه الأرض، تسلسلت من صلب نبي الله إسماعيل ابن نبي الله إبراهيم، وقد وُلد خاتم المرسلين محمد ﵊ في مكة سنة ٥٧٠ م. وفي الليلة التي وُلد فيها، وفي لحظة خروجه من بطن أمه أضاء الكون نورٌ عظيم، أدهش الناس، وسُجل في كتب التاريخ، وانتكست أصنام قريش التي يعبدونها عند الكعبة في مكة، واهتز إيوان كسرى ملك الفرس، وتساقط منه بضع عشرة شرفة، وانطفأت نار الفرس التي يعبدونها، وكانت لم تنطفئ قبل ذلك بألفي (١) عام.
وكل هذا إعلان من الله تعالى لأهل الأرض بمولد خاتم المرسلين الذي سوف يحطِّم الأصنام التي تُعبد من دون الله، وسيدعو الفرس والروم إلى عبادة الله وحده، والدخول في دينه الحق، فإذا أبوا جاهدهم هو ومَن يتبعه، فينصره الله عليهم، وينشر دينه الذي هو نوره في الأرض، وهذا هو ما حصل بالفعل بعدما بعث الله رسوله محمدًا ﷺ.
وقد ميَّز الله خاتم رسله محمدًا ﷺ من بين إخوانه الرسل قبله بميزات منها:
(١) في المصادر التاريخية والحديثية: «بألف عام». ينظر: تاريخ الطبري (٢/ ١٦٦)، ودلائل النبوة للبيهقي (١/ ١٢٦).