للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

للعالمين - صلى الله عليه وسلم -، أشار لما هو واقع منها لا محالة، نصحا بلزوم منهج الكتاب والسنة للنجاة منها؛ لأن الفتنة محنة شديدة في الدين، ولذلك عمم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخصص، وكل ما جاء عن الصحابة في أمر الفتن فهو منقول عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن ذلك من علم الغيب الذي أطلع الله عليه نبينا محمدا - صلى الله عليه وسلم - ليعلم حال أمته من بعد، ويحذرها من أهوال الفتن لينجو منها من كتب الله له النجاة، ومن ذلك قول أنس بن أبي مرثد الأنصاري - رضي الله عنه -: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ستكون فتنة بكماء صماء عمياء، المضطجع فيها خير من القاعد، والقاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، ومن أبى فليمدد عنقه» (١)، ولا أظنها والله إلا فتنة قتل عثمان - رضي الله عنه -، ومن بعد ذلك ما حدث بين علي ومعاوية رضي الله عنهما.

فالفتن كثيرة وردت فيها أحاديث كثيرة مذكورة في مظانها من كتب السنة، وفيها كتب خاصة، فليكن المؤمن العاقل محتاطا لدينه، فإن الفتن على وجوه كثيرة، قد مضى منها فتن عظيمة نجا منها أقوام، وهلك فيها أقوام، باتباعهم الهوى وإيثارهم للدنيا، فمن أراد الله تعالى به خيرا فتح له باب الدعاء والتجأ إلى مولاه الكريم، وخاف على دينه، وحفظ لسانه وعرف زمانه، ولزم الحجة الواضحة والسواد الأعظم، ولم يتلوَّن في دينه، وعبد ربه - عز وجل - فترك الخوض في الفتنة، فإن الفتنة يفتضح عندها خلق كثير، وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يحذر أمته الفتن؟ فقال عليه الصلاة والسلام: «يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا، ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا» (٢)، ومن أعظم الفتن في هذا الزمان فتنة المال والنساء، وفتنة الأفكار الهدامة، لأنها تنشر بدعوى التحرير والتجديد والتطوير، بل هناك من تجرأ وقال: سبب تأخر المسلمين الإسلام، بل منهم من قال: القرآن كان وراء تخلف المسلمين، فصدق على المتمسكين بمنهج الكتاب والسنة قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يأتي على الناس زمان الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر» (٣).


(١) الشريعة ١/ ٥٠.
(٢) انظر: الشريعة ١/ ٥٠.
(٣) الترمذي حديث (٢٢٦٠).

<<  <   >  >>