(٢) سئل بعض العلماء لم كانت قريش أفضل العرب وهي قبيلة من مضر؟ فقال: لأن دارها لم يزل منسكا لحج الناس، وموسما لهم وموردا لقضاء نسكهم، وكانوا لا يزالون يتأملون أحوال الواردين ويراعونها، يختارون أحسن ما يشاهدونه، ويتكلمون بأحسن ما يسمعونه من لغتهم، ويتخلقون بأحسن ما يرون من شمائلهم، فبذلك - وهو حسن الاختيار الذي هو ثمرة العقل - صاروا أفضل العرب، ثم قال: لما بعث الله نبيه - رضي الله عنه - منهم تمت لهم به الفضيلة، وكملت به السيادة، وإنما صار دارهم حرما لأن الله تعالى لما قال للسماوات والأرض: {ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا} من الآية (١١) من سورة فصلت، كان المجيب له بذلك من الأرض موضع الكعبة ومن السماء ما قابله فلذلك جعل فيه البيت المعمور (السلوك في طبقات العلماء والملوك ١/ ٧٠).