للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاعتدال في السجود، ولا ينبغي الامتداد الزائد، فإنه خلاف السنة (١)، ولا يبسط ذراعيه على الأرض، إلا إذا طال السجود فله أن يعتمد مرفقيه على فخذيه (٢)، وينبغي للمصلي أن يباشر الأرض بجبهته إلا إن كان الحائل منفصلًا -كفراش المسجد- فيجوز، فإن كان متصلًا -كطرف ثوبه أو غترته ونحو ذلك- كره السجود عليه إلا لحاجة، كبرد أو حر أو شوك ونحو ذلك (٣)، ثم يقول: سبحان ربي الأعلى (٤)، ثلاثًا، ويجزئ واحدة، وله أن يقول: "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي" (٥)، أو يقول: "اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله وأوله وآخره وعلانيته وسره" (٦).

إلى غير ذلك مما ثبت في السنة، وينبغي الإكثار من الدعاء حال السجود، لقرب العبد من ربه تبارك وتعالى (٧).

ثم يرفع رأسه مكبرًا في حال رفعه، ويجلس مفترشًا رجله اليسرى، ناصبًا اليمنى، مستقبلًا بأصابعها القبلة (٨)، ويضع يديه على فخذيه، وأطراف أصابعه عند ركبتيه، وله أن يضع اليمنى على الركبة، واليسرى يلقمها الركبة كالقابض لها، وكلا اليدين تكون مبسوطة مضمومة الأصابع، موجهة إلى القبلة (٩)، وإن قبض من اليد اليمنى الخنْصر -وهي الإصبع الصغرى- والبنْصر -وهي الإصبع التي تلي الخنصر- وحلَّق الإبهام -وهي الإصبع الكبيرة مع الوسطى- أو غير ذلك من الصفات، ورفع السبابة يحركها عند الدعاء جاز، فقد قال بذلك بعض العلماء استنادًا لبعض النصوص (١٠). ويقول: ربي اغفر لي (١١) ثلاثًا، ويجزئ واحدة، وله أن يقول: "اللهم اغفر لي وارحمني وعافني واهدني وارزقني" (١٢).

ثم يسجد الثانية كالأولى في الهيئة والدعاء، ثم يرفع مكبرًا ناهضًا على صدور قدميه (١٣)، معتمدًا بيديه


= البدن وضعّف القول برص الساجد عقبيه، والله أعلم.
(١) مجموع فتاوى ابن عثيمين (١٣/ ١٨٧).
(٢) أبو داود (٩٠٢)، والترمذي (٢٨٦)، وأحمد (١٤/ ١٨٢)، وإسناده قوي وصححه أحمد شاكر في تعليقه على الترمذي. وانظر: فتح الباري (٢/ ٢٩٤)، والتنقيح المشبع ص (٦٩).
(٣) المغني (١/ ١٩٧)، الشرح الممتع (٣/ ١٦٠).
(٤) أبو داود (٨٧١)، والترمذي (٢٦٢)، وقال: حديث حسن صحيح.
(٥) تقدم تخريجه.
(٦) مسلم (٤٨٣).
(٧) الأذكار للنووي (٥٣)، وصفة الصلاة للألباني ص (١٤٥).
(٨) مسلم (٤٩٨)، وأبو داود (٩٥٨)، والنسائي (٢/ ١٨٧)، وانظر: المغني (٢/ ٢٠٥).
(٩) يرى الفقهاء -رحمهم الله- أن اليد اليمنى تبسط بين السجدتين كما تبسط اليسرى، وحملوا الأحاديث التي فيها القبض على الجلوس للتشهد، وانظر: فتاوى ابن باز (١١/ ١٤٦).
(١٠) قال بذلك ابن القيم كما في زاد المعاد (١/ ٢٣٨)، وتبعه على ذلك الشيخ محمد العثيمين كما في مجموع فتاويه (١٣/ ١٩١ - ٢١١)، وانظر: رسالة "لا جديد في أحكام الصلاة" لبكر أبو زيد ص (٣٨).
(١١) أبو داود (٨٧٤)، والنسائي (٢/ ١٨٣)، وابن ماجه (٨٩٧)، والحاكم (١/ ٢٧١)، وصححه على شرطهما ووافقه الذهبي، وحسنه الألباني في صفة الصلاة ص (١٥٣).
(١٢) أبو داود (٨٥٠)، والترمذي (٢٨٤)، وابن ماجه (٨٩٨)، والحاكم (١/ ٢٧١)، وصححه ووافقه الذهبي. وحسنه النووي في "الأذكار" ص (٥٦)، وقد نقل الترمذي في هذا الموضع عن الشافعي وأحمد وإسحاق أنهم يرون أن هذا الدعاء جائز في المكتوبة والتطوع.
(١٣) أبو داود (٩٩٢)، (٨٣٨)، والنسائي (٢/ ١٨٦)، وابن خزيمة (٦٢٩).

<<  <   >  >>