للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبسط كفه.

أخرجه أبو داود، والترمذي، وصححه.

قال الصنعاني: والحديث دليل أنه إذا سلم أحد على المصلي رد عليه السلام بإشارة دون النطق.

وأما كيفية الإشارة: ففي المسند من حديث صهيب قال: مررت برسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو يُصلي فسلمت، فرد علي إشارة. قال الراوى: لا أعلمه إلا قال إشارة بأصبعه، وفي حديث ابن عمر في وصفه لرده -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- السلام على الأنصار أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "هكذا"، وبسط جعفر بن عون -الراوي عن ابن عمر- كفه وجعل بطنه أسفل وجعل ظهره إلى فوق.

وقد روى البيهقي أن عبد الله بن مسعود سلم على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فأومأ برأسه (١).

- التبليغ خلف الإمام لغير حاجة:

سُئل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمة الله تعالى- عن التبليغ خلف الإمام هل هو مستحب أو بدعة؟

فأجاب رحمه الله تعالى: أما التبليغ خلف الإمام لغير حاجة فهو بدعة غير مُستحبه باتفاق الأئمة، وإنما يجهر بالتكبير الإمام كما كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وخلفاؤه يفعلون، ولم يكن أحد يبلغ خلف النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لكن لما مرض النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ضعف صوته فكان أبو بكر -رضي الله عنه- يُسْمع التكبير.

وقال رحمه الله تعالى لي موضع آخر: لا يشرع الجهر بالتكبير خلف الإمام الذي هو المبلغ لغير حاجة باتفاق الأئمة، فإن بلالًا لم يكن يبلغ خلف النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هو ولا غيره، ولم يكن يبلغ خلف الخلفاء الراشدين.

- مد لفظ التكبير (الله أكبآر): وهذا لا يجوز مطلقًا لا في الصلاة ولا في الأذان ولا غيرهما.

وذلك لأن مد كلمة (أكبر) يحيل المعنى.

فـ: "أكبار": جمع كبر، والكبر الطبل ذو الوجه الواحد، وفي اللغة أيضًا أن أكبار: نبات معمر من الفصيلة الكبرية، ويترتب أيضًا على مد كلمة أكبر في الصلاة مفسدة ثانية وهي: أن المأموم يسابق إمامه لأن الإمام بفعله ذاك يتسبب في ارتكاب المأموم للمسابقة وذلك لأن الإمام يمده للتكبير يوهم المأموم بأنه قد وصل إلى الركن الذي انتقل إليه.

- أن يُصلي الرجل وليس على عاتقيه شيء:

وهذا يلاحظ كثيرًا من المُحرمين في الحرم وغيره، فتجد أحده يُصلي مضطبعًا أو يلقي إحرامه بين يديه ويصلي بإزاره دون غيره.

عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا يُصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقيه شيء". رواه البخاري.

قال الحافظ ابن حجر: والمراد أنه لا يتزر في وسطه ويشد طرفي الثوب في حقويه بل يتوشح بهما على عاتقيه ليحصل الستر لجزء من أعالي البدن وإن كان ليس بعورة أو لكون ذلك أمكن في ستر العورة. انتهى.

- ومن المخالفات أيضًا: الصلاة في الثياب الرقيقة التي لا تستر العورة، سُئل سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز -حفظه الله تعالى- عن ثوب السلك الشبه شفاف هل يستر العورة أم لا؟ وهل تصح الصلاة


(١) ساق البيهقي ثلاثة ألفاظ عن محمد بن سيرين أن عبد الله بن مسعود ... ثم ساق إسنادًا آخر وفيه: عن محمد قال: أُنبئت أن ابن مسعود، وقال بعده: المحفوظ مرسل، ثم ساق إسنادًا ثالثًا عن أبي هريرة عن ابن مسعود. السنن الكبرى للبيهقي (٢/ ٢٦٠).

<<  <   >  >>