للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأما من الأحاديث القولية: فعن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لا تُصلوا إلا إلى سُترة، ولا تدع أحدًا يمر بين يديك، فإن أبى فليقاتله فإن معه القرين؟ ".

رواه ابن خُزيمة، والحاكم والبيهقي، وقال الحاكم: هذا الحديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه ووافقه الذهبي (١).

وعن سهل بن أبي حثمة -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة، وليدن منها لا يقطع الشيطان صلاته". رواه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يُخرجاه، ووافقه الذهبي، ورواه البغوي في شرح السنة بلفظ مُقارب (٢).

هذه بعض النصوص القولية، أما الفعلية:

فعن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما- "أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان إذا خرج يوم العيد أمر بالحربة فتوضع بين يديه فيُصلي إليها والناس وراءه، وكان يفعل ذلك في السفر، فمن ثم اتخذها الأمراء". رواه البخاري، ومسلم، وأبو داود وغيرهم.

وعن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما -أيضًا عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أنه كان يعرض راحلته فيصلي إليها" رواه البخاري، ومسلم، وأبو داود.

وبعد سياق النصوص في مسألة السترة ترد مسائل لا بد من طرحها:

المسألة الأولى: ما مقدار ارتفاع السترة؟

والجواب عن ذلك: ما رواه مسلم في صحيحه، عن عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُئل في غزوة تبوك عن سُترة المصلي؟ فقال: "كمؤخرة الرحل".

وعن طلحة بن عبيد الله -رضي الله تعالى عنه- قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل فليصل ولا يبال من مر وراء ذلك". أخرجه مسلم.

قال النووي -رحمه الله تعالى-: مؤخرة الرحل: هي العود الذي في آخر الرحل وهي قدر عظم الذراع، وهو نحو ثلثي ذراع.

المسألة الثانية: مقدار المسافة بين المصلي وسُترته.

روى البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمر -رضي الله تعالى عنهما-، أنه كان إذا دخل الكعبة مشى قبل وجهه حين يدخل، وجعل الباب قبل ظهره، فمشى حتى يكون بينه وبين الجدار الذي قبل وجهه قريبًا من ثلاثة أذرع صلى يتوخى المكان الذي أخبره به بلال أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلى فيه.

والشاهد أن بينه وبين السترة قريبًا من ثلاثة أذرع، وقد ورد أيضًا مقدار المسافة بين سُترة وبين موضع سجوده، فعن سهل بن سعد قال: كان بين مُصلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبين الجدار ممر شاة.

وفي رواية: كان بين مقام النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبين القبلة ممر عنز.

المسألة الثالثة: هل يقوم الخط مقام السُترة؟

والجواب: أن الخط لا يقوم مقام السُترة، بل لا بد من الصلاة إلى سُتره مرتفعة.


(١) قال شيخنا عبد الله بن جبرين -حفظه الله تعالى-: لكن قد رواه مسلم وأحمد وابن ماجه بإسناده دون أوله.
(٢) قال شيخنا ابن جبرين -حفظه الله تعالى-: لكن هو في السنن والمسانيد بلفظ: "إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها".

<<  <   >  >>