والصحيح أنها لا تقبل وإن تاب؛ لأن حكم الاستثناء أن يكون راجعا إلى ما يليه، ولا يرجع إلى ما تقدمه، إلا بدلالة، ألا ترى أن قائلا لو قال لفلان عليَّ عشرة درهم إلا ثلاثة درهم إلا درهما كان عليه ثمانية درهم، لأن الدرهم مستثنى من الثلاثة، هذا أصل الاستثناء.
وقد جاء في القرآن [مثنا ولا لجميع المذكور](١)، وهو قوله تعالى:(إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) إلى قوله: (إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا) فكان الاستثناء راجعا إلى جميع المذكور، فيقول في ذلك إن الدلالة قد قامت في هذه الآية؛ ولم تقم في الأول.
وقال الأوزاعي: لم تقبل شهادة محدود في قذف في الإسلام.
وقال أبو علي - رحمه الله -: تقبل شهادته إذا تاب؛ لأنها إنما ترد عقوبة، فإذا تاب سقطت العقوبة، وقيل: ليس ذلك بشيء؛ لأنه أيضا يحد عقوبة، وإذا تاب لم يسقط الحد بالإجماع، فكذلك الشهادة لا تقبل بالتوبة.
قلنا: وهذه المعارضة ليست بالصحيحة؛ لأن الحد في القذف حتى لآدمي فلا يسقط بالتوبة. وليست كذلك الشهادة.
وقال:(وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ) يعني: الملك الذي حفظ عليه عمله في الدنيا يشهد عليه في الآخرة.
ومثله:(وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ) يعني: الحفظة من الملائكة.
(١) عبارة غير مفهومة. اهـ (مصحح النسخة الإلكترونية)