للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتأول ما قاله «١»، وكان السخاوي قد ألف في إنكاره على السيوطي مؤلفا سماه «الإرشاد والموعظة لزاعم رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته في اليقظة» «٢»، وكان ذلك سببا في أن يؤلف السيوطي رسالة كبيرة في إمكان رؤية النبي والملك يسميها بتنوير الحلك وذلك لأن «طائفة من أهل العصر ممن لا قدم لهم في العلم بالغوا في إنكار ذلك والتعجب منه، وادعوا أنه مستحيل» «٣».

كما دافع السيوطي عن فتاواه التي أفتى بها وتعرض بسببها لانتقاد بعض خصومه أو مخالفتهم فقد أفتى في رسالته «تنزيه الأنبياء عن تسفيه الأغبياء» «٤»، التي تدور كما يتضح من اسمها حول عدم التعريض بالأنبياء وأحوالهم وتشبيه ما يحدث من الأحياء من نقص ببعض أحوال الأنبياء، أو ذكرهم في مواضع تنقص أقدارهم، وقد أفتى بأن فاعل ذلك يعزر، وقد أورد نقولا عديدة وأدلة متنوعة تؤيد فتواه، ثم نجده يهاجم خصومه قائلا: «المماراة في مثل هذا الموضع والتدليس وقصد الانتقام بالضغائن الباطنة لا يضر إلا فاعله، ولا يصيب المشنع عليه من ضرره شيء» إلى أن يقول: «لأن يكون كل أهل العصر في هذه المسألة خصمائي أحب إلي من أن يخاصمني نبي واحد فضلا عن جميع الأنبياء» «٥».

ويتضح من أقوال السيوطي أن فتاواه كانت تتعرض لنقد من قبل خصومه، ولذلك فهو لا يكل من الدفاع بجميع الأدلة عنها «٦»، وقد رأينا هجومه العنيف من قبل على خصومه حين اعتزم في وقت من الأوقات أن يعتزل الافتاء والتدريس.

وقد هاجم السيوطي جميع أعدائه وخصص رسائل لمهاجمتهم، بيد أن جانبا كبيرا من انتقاده لخصومه كان موضوعيا بمعنى أنه كان نتيجة للاختلاف في


(١) المقامة السندسية ص ٩٢، ٩٣.
(٢) الضوء اللامع ج ٨ ص ١٩ ترجمة السخاوي.
(٣) الرسالة بكتاب الحاوي ج ٢ ص ٤٣٧ - ٤٦٠، والنص ص ٤٣٧.
(٤) الحاوي ج ١ ص ٣٥٩ وما بعدها.
(٥) المصدر السابق ص ٣٧٤.
(٦) المصدر السابق ج ١ ص ٣٧٠.

<<  <   >  >>