للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التصوف «١». ورجح كون الخضر وإلياس عليهما السلام على قيد الحياة، وأجاب عن ذلك بأنه يرتضي القول الذي يذهب إلى أنهما من الأحياء فقال:

والمرتضى قول الحياة فكم له ... حجج تجل الدهر عن إحصاء

خضر وإلياس بأرض مثل ما ... عيسى وإدريس بقوا بسماء «٢»

بيد أنه يلاحظ عليه التساهل في إيراد الأحاديث التي تدعم ما يذهب إليه الصوفية، وبالرغم من أنه لا يصف طرق هذه الأحاديث بغير ما وصفها به المحدثون فإنه يحاول أن يتلمس أكبر عدد من الطرق التي وردت للحديث الواحد لتقوية ما يورده، ويتضح ذلك فيما أورده عن وجود القطب والأوتاد والنجباء والأبدال، وهو ما اشتهر عند الصوفية، وقد قوبل بالانكار فألف في ذلك رسالة سماها «الخبر الدال على وجود القطب والأوتاد والنجباء والأبدال» «٣»، ذكر فيها جميع الأسانيد التي روى بها الحديث وبالرغم من نصه على أن جميع ما ورد كان مرفوعا أو موقوفا فإنه يميل إلى اعتقاد ما ذكره لكثرة الطرق، وكثير من الأخبار التي أوردها عن التابعين وعن غيرهم في هذا المجال فيها تساهل يجعلنا لا نطمئن إليها.

على أن التساهل في قبول الروايات الذي رأيناه عنده بصدد التصوف في بعض الأحيان قد ظهر لديه في أماكن أخرى حيث أورد كثيرا من الأخبار غير الصحيحة أو الموضوعة ولم ينبه على وضعها، ففي حديثه عن نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان أورد بعض الاسرائيليات التي رواها كعب الأحبار ووهب ابن منبه وأضرابهما ولم ينبه عليها «٤»، وفي الحديث عن أخبار المهدي «٥»، أورد كثيرا من الروايات التي نقلها عن أبي نعيم وغيره، وكثير مما نقله تشهد متونه باستحالة صحته، ومع ذلك لم ينبه إلى حقيقة هذه الأخبار وإنما اكتفى بجمع ما


(١) الرسالة بكتاب الحاوي ج ٢ ص ١٩١ وما بعدها.
(٢) الحاوي ج ٢ ص ٢٥٠.
(٣) الرسالة بكتاب الحاوي ج ٢ ص ٤١٧.
(٤) الاعلام بحكم عيسى عليه السلام، رسالة بالحاوي ج ٢ ص ٢٧٧ وما بعدها.
(٥) العرف الوردي في أخبار المهدي، رسالة بالحاوي ج ٢ ص ١٢٣ - ١٦٦.

<<  <   >  >>