للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يتصل بالمهدي، وبعض هذه الأخبار يبدو عليه مسحة الوضع في العصر العباسي لا سيما الأخبار التي وردت فيها الاشارة إلى الرايات السود التي تخرج من قبل المشرق، وبعض هذه الأخبار يجعل خروج المهدي انتقاما من أهل الشام وظلمهم، وأن المهدي سينتقم منهم، ويعدل بين المسلمين ويتضح من روح هذه الأخبار أنها من الموضوعات زمن الأمويين، وجانب من الأخبار يذكر فيه السفياني الذي يهاجم الكوفة ويطلب أهل خراسان، والمعروف في التاريخ أن السفياني كان أحد الخارجين على الدولة العباسية، إلى كثير من الأخبار التي تمتزج بأحداث التاريخ المتعاقبة التي مرت بالأمة الاسلامية والتي يتضح فيها أنها لم تخل من حشو كثير وتزيد، كما أن بعضها تقطع ببطلانه ووضعه، كذلك فإن من الضعيف أو الموضوع الذي قبله السيوطي الأحاديث التي تتصل بعمر الدنيا، وأنه سبعة آلاف سنة «١»، على أن قبوله لبعض هذه الأحاديث كان نتيجة لما شاع في عصره من اعتماد الناس على حديث باطل هو أن النبي صلّى الله عليه وسلّم لا يمكث في قبره ألف سنة، وقد بين السيوطي بطلان هذا الحديث، وبين أن مقدمات الساعة وأشراطها وما ورد في ذلك من آثار تقضي بمجاوزة الأمة الألف، وذكر أن الأمة لن تجاوز بعد الألف خمسمائة عام، وقد كان غير موفق في هذا التقدير لأن أشراط الساعة من خروج الدجال والمهدي وغيره تستلزم أكثر من مائتي عام- كما نص على ذلك- وهذا ما لم يحدث إلى الآن، والحق أنه كان عليه أن يتوقف في مثل هذا الموضوع وأن يبتعد عن التقدير في مثل هذه الغيبيات «٢».

ومن قبيل ما ذكرناه جملة كثيرة من الأحاديث التي ساقها في كتابه «الخصائص الكبرى» أو «كفاية الطالب اللبيب في خصائص الحبيب» فقد تساهل في إيراد وقبول كثير من الآثار في سيرة النبي صلّى الله عليه وسلّم وأورد كثيرا مما نص أئمة الحديث على وضعه وبطلانه. نخلص من ذلك إلى أن السيوطي برغم معرفته التامة بالحديث وعلومه ونقده فإنه كان يميل إلى التساهل في قبول المرويات التي تتصل بالتصوف والمسائل الغيبية، والأمور المستقبلية وقد كان هذا التساهل ناتجا عن انخراطه في


(١) الحاوي للفتاوى ج ٢ ص ١٦٨ - ١٧١.
(٢) الكشف عن مجاوزة هذه الأمة الألف، رسالة بالحاوي ج ٢ ص ١٦٦.

<<  <   >  >>