للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبإمام الحرمين الذي ألف في الفقه كتابا لغياث الدين نظام الملك وسماه الغياثي، وسمى رسالة أخرى الرسالة النظامية، وغيرهم ممن فعل ذلك «١».

وقد تتبع السيوطي في كتابه ألفاظ القرآن التي نقل عن المفسرين من الصحابة أو التابعين أو تابعيهم أنها مما دخل العربية من اللغات الأخرى، والسيوطي بذلك يوافق القائلين بوجود ألفاظ معربة في القرآن الكريم، وهو الرأي الذي هاجمه الشافعي من قبل في رسالته «٢»، حيث نفى تأثر العربية بغيرها من اللغات وأفرد صفحات طوالا لذلك، واتجه إلى القول بالاتفاق في الوضع اللغوي إذا وجدت مشابهة بين ألفاظ عربية وأخرى غير عربية، وموقف السيوطي من هذه القضية يبدو أكثر جلاء في كتابه الاتقان «٣» حيث يتناول القضية فيذكر أن أكثر الأئمة يذهبون إلى عدم وقوع ألفاظ غير عربية في القرآن ومنهم الشافعي وابن جرير وأبو عبيدة، والقاضي أبو بكر بن الطيب وابن فارس، وذلك لقوله تعالى: «قُرْآناً عَرَبِيًّا»، وقوله تعالى: وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آياتُهُءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ، وحكى السيوطي إنكارهم وقوع ألفاظ أعجمية في القرآن وميلهم إلى القول بالاتفاق في الوضع بين العربية وغيرها من اللغات، وقد بالغ بعض هؤلاء فذهب إلى أن اتساع العربية وكثرة ألفاظها جعلت أمثال هذه الألفاظ تخفى على أمثال ابن عباس وغيره ممن عزوها إلى ألسنة غير العرب، ويبدو من عرض السيوطي كثرة أنصار الرأي القائل بعربية هذه الألفاظ وتعليل ذلك باتساع لسان العرب حتى خفي على بعض الناس حقيقة هذه الألفاظ، بيد أن ثمة رأيا حاول صاحبه التوسط بين المنكرين والمثبتين وهو في الحقيقة أصوب هذه الآراء وأكثرها إدراكا للواقع اللغوي وما ينتج عن اختلاط اللغات بعضها ببعض من وقوع التأثير والتأثر في الألفاظ، واستعمال كل لغة بعض ألفاظ الأخرى بعد تهذيبها وصقلها وصوغها بصيغها المألوفة وهو ما يعرف في العربية بالتعريب، وقد وقع هذا التعريب في العربية،


(١) المصدر السابق ص ٢.
(٢) رسالة الشافعي ص ٤١ - ٥١.
(٣) الاتقان في علوم القرآن ج ١ ص ١٣٦، ١٣٧.

<<  <   >  >>