للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن المرسل والمجهول «١»، والمرسل «هو الذي انقطع سنده كأن يروي ابن دريد عن أبي زيد، والمجهول هو الذي لم يعرف ناقله نحو أن يقول أبو بكر بن الأنباري حدثني رجل عن ابن الأعرابي» «١»، وقد اشترط ابن الأنباري اتصال السند، ولذلك فهو يرفض قبول المرسل والمجهول، وبالرغم من ذلك فإن حديثه يوضح ميل غيره إلى قبوله، كما تناول المتواتر والآحاد «٣»، وتحدث عن شروط المتواتر «٤»، وشروط الآحاد «٥»، وتناول الاجازة وجواز قبولها «٦».

ونجد من الأصوليين من تناول التواتر والآحاد في اللغة، وعلى ذلك فإن البحث في الأسانيد في ميدان اللغة لم يحظ باهتمام كبير قبل السيوطي، وقد حاول من خلال الأنواع الثمانية التي تناولها في أول كتابه ووضع لها نفس مصطلحات أهل الحديث أن يستدرك ما فات البيئة اللغوية من هذه الأبحاث التي عني بها أصحاب أصول الحديث، والتي تلزم لبناء منهج متكامل لنقد الرواية اللغوية.

وأول هذه الأنواع: «الصحيح أو الثابت والمحفوظ» «٧»، وقد وضع المؤلف هذه التسمية محاكيا ما يريده المحدثون عند تناولهم الصحيح حيث يذكرون الكتب التي عنيت بصحيح الحديث وغير ذلك، ولما كان الصحيح من اللغة يمثل غالبها فإن السيوطي قد فرع هذا النوع إلى عديد من الأبحاث اللغوية التي تتناول اللغة ونشأتها والطريق إلى معرفتها، مما يبدو بعيد الصلة عن العنوان الذي وضعه لهذا الفصل إلا إذا كان اعتباره بحث ما صحّ من اللغة من وجوه متنوعة، ونأخذ عليه أيضا أنه لم يبدأ بتعريف الصحيح في اللغة كما يفعل المحدثون في تعريف الصحيح عندهم إذ إن الصحيح من اللغة في رأينا أعم من أن يشمله تعريف أهل الحديث المقيد بالشروط وقد أحس السيوطي بأنه لم يضع حدا للصحيح في اللغة عند بداية الموضوع ولذلك فقد وضع هذا الحد في ثنايا حديثه عن مأخذ اللغة فعرف الصحيح بأنه «ما اتصل سنده بنقل العدل


(١) لمع الأدلة في أصول النحو ص ٩٠.
(٣) المصدر السابق ص ٨٣.
(٤) نفس المصدر ص ٨٤.
(٥) نفس المصدر ص ٨٥.
(٦) نفس المصدر ص ٩٢.
(٧) المزهر ج ١ ص ٧.

<<  <   >  >>