للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الضابط عن مثله إلى منتهاه على حد الصحيح من الحديث» «١».

وتناول في النوع الثاني «ما روي من اللغة ولم يصح ولم يثبت»، وذكر أنه «يقابل النوع الأول الذي هو الصحيح الثابت، والسبب في عدم ثبوت هذا النوع عدم اتصال سنده لسقوط راو منه أو جهالته أو عدم الوثوق بروايته لفقد شرط القبول فيه» «٢»، وقد مثل له بعدد من الأمثلة التي نقلها عن جمهرة ابن دريد والغريب لأبي عبيد والصحاح والتهذيب وغيرها، مما يتبين منه ما قلناه من أن المنهج النقدي للرواية كان عرفا متبعا لدى اللغويين وإن لم يحظ بتنظير كاف، وقد حاول السيوطي في هذا المبحث وغيره أن يضع الأصول النظرية إلى جوار التطبيق العملي.

وحين بحث المتواتر والآحاد مسبوقا كما ذكرنا بابن الأنباري اعتمد في الجانب النظري على سابقه، ثم نقل الاشكالات على التواتر عن الرازي، والأجوبة عليها للرازي وشراحه كالأصبهاني والقرافي، وقد سبق أن أشرنا إلى بعض ما ناقشه هؤلاء حين تحدثنا عن إهمال اللغويين البحث في رواتهم جرحا وتعديلا، ودفاع السيوطي عنهم، وتجنبا للإطالة فإنني أكتفي بالاحالة إلى ما نقله السيوطي من إشكالات على التواتر والآحاد فيما يخص اللغة وروايتها والاجابة عن هذه الاشكالات «٣»، وتعد هذه المناقشات التي نقلها السيوطي عن الأصوليين من أهم ما كتب في نقد الرواية اللغوية، وقد ختم السيوطي مبحثه بذكر عدد كبير من الأمثلة «مما تواتر على ألسنة الناس من زمن العرب إلى اليوم وليس هو في القرآن» «٤». وبهذا المجهود يعد الفصل الذي عقده السيوطي أكمل البحوث اللغوية في الموضوع حيث استوفى فيه أقوال السابقين وطبقها على اللغة بالأمثلة وزاد عليها بإدلاء رأيه في بعض الأحيان.

وكان على اللغويين نتيجة اشتراط اتصال السند أن يبحثوا الأسانيد التي سقط


(١) المزهر ج ١ ص ٥٨.
(٢) المزهر ج ١ ص ١٠٣.
(٣) المزهر ج ١ ص ١١٥ - ١٢٠.
(٤) المصدر السابق ج ١ ص ١٢٠ - ١٢٤.

<<  <   >  >>