للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطرق التي يذكرها المحدثون، وإن يكن ابن الصلاح قد حصرها في ثمانية فإنها ترتد في الواقع إلى ست طرق لأن المناولة فرع من الاجازة والاعلام يندرج ضمن الوصية أو الوجادة.

ونظرا لطرافة هذا البحث النظري في ميدان اللغة فإن السيوطي لم يطل- لطبيعته النقلية- في الجانب النظري لقلة ما كتب فيه من قبل، واكتفى في غالب الأحيان بذكر كل عنصر ممثلا له بعديد من الأمثلة اللغوية، وبعبارة أكثر بيانا فلقد انتزع السيوطي الهيكل العام لطرق الأخذ والتحمل من بيئة المحدثين ووضعه في اللغة قالبا أجوف ثم صب فيه الأمثلة العديدة صبا، وكان الجدير به أن يعنى بالجانب النظري أكثر من ذلك، ولكن حسبه أنه السابق إلى تناول هذا الموضوع في اللغة.

والهدف من بحث الرجال وبحث الأسانيد تمييز الصحيح من المفتعل والمصنوع، وقد عني المحدثون بالموضوع من الأحاديث ونبهوا عليها، وألفوا فيها المؤلفات، وقد ألف فيها السيوطي كتابه «اللئالئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة» وألف فيها قبله عدد من أهل الحديث، ونبه عليه ابن الصلاح في مقدمته وبين كيفية الوضع والأسباب الداعية إليه، ومثل لذلك بما وضع على لسان ابن عباس وعلى لسان أبي بن كعب عن أحاديث فضائل القرآن سورة سورة «١».

وإذا كان الوضع قد عرف في الحديث للأسباب الداعية إليه، فإن هنالك أسبابا قد توفرت وحملت على الوضع والكذب في اللغة، ولا سيما في الشعر والأخبار، وقد حظي نقد الشعر والأخبار وتمييز صحيحها من زائفها بعناية أئمة اللغويين والعلماء منذ وقت مبكر وقد كتب ابن سلام الجمحي مقدمة قيمة في نقد الشعر وتمييز صحيحه من زائفه والتنبيه على المصنوع من الأشعار «٢»، كما أشار كثير من العلماء في كتبهم إلى ما وضع من الأشعار والأخبار، ونبهوا في


(١) مقدمة ابن الصلاح: الموضوع ص ٤٧، ٤٨.
(٢) طبقات فحول الشعراء لابن سلام: المقدمة.

<<  <   >  >>