للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المولدون على أقيسة كلام العرب من مجاز أو اشتقاق أو نحوهما كاصطلاحات العلوم والصناعات وغير ذلك، وحكمه أنه عربي سائغ، وقسم خرجوا فيه عن أقيسة كلام العرب إما باستعمال لفظ أعجمي لم تعربه العرب،- وقد صدر عن المجمع في شأن هذا القسم قرار خاص-، وإما بتحريف في اللفظ أو في الدلالة لا يمكن معه التخريج على وجهه صحيح، وإما بوضع اللفظ ارتجالا، والمجمع لا يجيز النوعين الأخيرين في فصيح الكلام «١».

ومما يدخل في مباحث التطور الدلالي ما تناوله السيوطي في اللغة من حيث ألفاظها وهو الألفاظ الاسلامية «٢»، ذلك أن الاسلام قد شاع فيه استعمال بعض الألفاظ في معان خاصة تتعلق بالعبادة أو المعاملات أو غير ذلك من شئون الدين كالصلاة والزكاة والصوم والحج، والمؤمن والكافر والمنافق والفاسق، والركوع والسجود وأمثالها من الألفاظ التي كانت تحمل دلالات عامة ثم خصص الاسلام دلالاتها. فالصلاة في الأصل الدعاء، ثم شاع استعمالها في الاسلام للعبادة المعروفة لاشتمالها على الدعاء حتى أصبح اللفظ عند إطلاقه لا يدل على غير هذا المعنى الخاص والحج معناه القصد ثم خصص بقصد البيت الحرام لتأدية الفريضة المعروفة في الاسلام.

وقد قدر اللغويون منذ القدم هذا النوع من أنواع التطور الدلالي الذي يخصص مدلولات الألفاظ، فتحدث عنه ابن فارس حين تناول الأسماء الاسلامية، ومثل للألفاظ التي خصصت مدلولاتها، وذكر أن هذه الألفاظ مثلها مثل مصطلحات المعلوم كالنحو والعروض والشعر، وقد نقل السيوطي عن ابن فارس ما يتصل بهذا الموضوع كما نقل عنه حديثه عن الألفاظ التي هجر استعمالها بمجيء الاسلام، ذلك أن الاسلام قد أبطل كثيرا من نظم الجاهلية وأفكارها وتقاليدها فأمات بذلك كثيرا من الألفاظ التي كانت مستعملة في الدلالة عليها، كما كره استعمال ألفاظ أخرى أو حرم استعمالها لتنافيها مع روح الاسلام ومبادئه وقد قدر اللغويون القدماء ذلك وهو من قبيل ما يتناوله


(١) مجلة مجمع اللغة العربية ج ١ ص ٣٣، ٣٤.
(٢) المزهر ج ١ ص ٢٩٤.

<<  <   >  >>