للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المحدثون حين يدرسون التغييرات الدلالية التي تصاحب الثورات «١»، وبالرغم من صلة البحث هنا بالمعنى أكثر من اللفظ فقد وضعه السيوطي في قسم الألفاظ ونظرته إلى هذه الألفاظ وهي نتاج التغيير الدلالي بعوامله المعروفة نظرة تكتفي بجانب واحد دون البحث فيما يتصل به من جوانب أخرى.

وقد نقل ما يتصل ببحث هذه الألفاظ عن الأصوليين، ثم اجتهد في نقل أمثلة كثيرة لها مخصصا جانبا من هذه النقول للألفاظ التي استحدثها الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يتكلم بها أحد من قبله كقوله: «مات حتف أنفه» و «لا ينتطح فيها عنزان» و «حمى الوطيس» وأمثال هذه العبارات التي لم تسمع من أحد قبله، كما نقل بعض العبارات التي سمعت عن بعض الصحابة أو التابعين ولم تسمع قبل ذلك، وهذا يدل على ما قلناه من تقديرهم للتطور اللغوي.

وقد تناول السيوطي في مبحثين منفصلين ما يتصل باللهجات العربية، فضلا عما يتصل ببحثها من نقول متناثرة في غيرهما، وأولهما عن مختلف اللغة حيث عرض أنواع

الائتلاف بين اللهجات التي سبق لابن فارس أن حصرها في سبعة عشر وجها «٢»، وقد نقلها عنه السيوطي «٣»، ثم نقل ما يتصل بحجية اللهجات في الاحتجاج اللغوي عن ابن جني وابن فارس وغيرهما، ثم ما يتصل بمن تنتقل لغته حيث يكون الاحتجاج بعد النظر فيما انتقل إليه لسانه من اللغة، فإن كان فصيحا مثل لغته أخذ بها وإن كان فاسدا لم يؤخذ وأخذ بالأولى.

كما نقل عن ابن فارس ما يتصل بالصور التي يمكن أن ترد بها الألفاظ تبعا لاختلاف اللهجات، فمن الألفاظ ما فيه لغتان كالحصاد والحصاد بالكسر والفتح في الحرف الأول، وفيها ما فيه ثلاث كالزجاج بالفتح والضم والكسر في الحرف الأول، ومنها ما فيه أربع كالصّداق بكسر الصاد وفتحها والصّدقة بفتح الأول والثاني في لغة وضمهما في أخرى، ومنها ما فيه خمس أو ست نحو


(١) د. محمود السعران: اللغة والمجتمع ص ٤٧.
(٢) الصاحبي في فقه اللغة ص ١٩ - ٢٣.
(٣) المزهر ج ١ ص ٢٥٥.

<<  <   >  >>