للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فارس الذي يعد أكثر الزائد عن الثلاثي من المنحوت كقولهم للرجل الشديد ضبطر من ضبط وضبر.

بيد أن ابن فارس بالرغم من ذلك لم يؤثر عنه القول بقياسية النحت موافقا في ذلك مذهب جمهور اللغويين والنحاة الذين يقفون عند الوارد عن العرب ولا يجيزون القياس في غيره.

وقد أورد ابن فارس كثيرا من الأمثلة لما زاد على ثلاثة أصول وقال فيه بالنحت في كتابه معجم المقاييس، وبالرغم من ذلك فقد اكتفى السيوطي بما نقله عنه من كتاب الصاحبي مؤثرا ذكر ما شاع في بيئة اللغويين من عدم التوسع في القول بالنحت والتمثيل له بأمثلة إن كثرت فهي لا تزيد على ستين مثالا، بينما أورد ابن فارس في مقاييس اللغة نحو ثلاثمائة مثال «١».

ويتناول السيوطي ظواهر اللغة المتصلة بالمعنى ويتحدث عن كل منها في مبحث مستقل فيتحدث عن «الاشتقاق» «٢»، ويتضح من نقوله التي أوردها عن ابن فارس أحد معاني الاشتقاق المتمثلة في كونه ظاهرة لغوية مؤداها أن هناك صلة في المعنى بين الألفاظ المشتركة في الحروف وهيئة التركيب فالجن مشتق من الاجتنان، وهذه الفكرة هي التي بنى عليها ابن فارس معجم المقاييس حيث يورد أصلا أو أصلين للمادة اللغوية ثم يرد إلى هذين الأصلين جميع المشتقات من هذه المادة ويبين المناسبة في المعنى بين المشتق والأصل وهو ما يسميه بالفرع والأصل، ويعد ابن فارس هذا الاشتقاق غير قياسي.

والمعنى الثاني للاشتقاق هو ما تناوله ابن جني في مقدمة الخصائص أيضا حيث حاول أن يرد الكلمات المشتركة في مادة واحدة دون مراعاة لهيئتها إلى أصل واحد، ولم يطبقه ابن جني إلا في أمثلة محدودة لا يمكن طردها في سائر مواد اللغة ولذلك فهو غير معتمد عند اللغويين.


(١) ابن فارس: معجم مقاييس اللغة، انظر دراسات في فقه اللغة لصبحي الصالح ص ٢٧٧.
(٢) المزهر ج ١ ص ٣٤٥، النوع الثالث والعشرون.

<<  <   >  >>