اللغة بما يبين فهمه وإدراكه لهذا النوع من التغير الدلالي.
وتناول في الفصل الرابع ما وضع عاما واستعمل خاصا، ثم أفرد لبعض أفراده اسم يخصه ومثل له بما أورده الثعالبي تحت عنوان العموم والخصوص، فالبغض عام، والفرك فيما بين الزوجين خاص، والتشهّي عام والوحم للحبلى خاص وغير ذلك.
وفي الفصل الخامس أورد ما وضع خاصا واستعمل خاصا فالتتايع التهافت ولم تسمع إلا في الشر، وأولى له: تهديد ووعيد وهلم جرا.
ويدل المبحث السابق على حسن تقسيم السيوطي، وتقديره لتغير الدلالة، وجهده الصائب في وضع الأمثلة في مواضعها الصحيحة.
وهناك جانب من الأسماء في اللغة نص اللغويون على أن مسمياتها لا بد أن تتوفر فيها شروط معينة حتى تستحق اطلاق هذه الأسماء عليها، وقد تناولها السيوطي باسم «المطلق والمقيد»«١»، فنقل عن ابن فارس الفصل الذي عقده للأسماء التي لا تكون إلا باجتماع صفات، فالمائدة لا يقال لها مائدة حتى يكون عليها طعام وإلا فاسمها خوان والظعينة لا تكون ظعينة حتى تكون امرأة في هودج على راحلة ... ونحو ذلك من الأمثلة، ونقل عن الثعالبي ما سماه بأشياء تختلف أسماؤها وأوصافها بحسب أحوالها فلا يقال كأس إلا إذا كان فيها شراب وإلا فهي زجاجة ونحو ذلك، كما نقل أمثلة أخرى من هذا القبيل.
وعلى الرغم من أن كثيرا من هذه الأمثلة يسندها الاستعمال اللغوي الفصيح الذي عول عليه هؤلاء اللغويون فإن جانبا غير قليل منها لم يستعمل مشروطا بهذه الشروط التي وضعوها، ولم يراع المتكلمون هذه القيود فيه، فالكأس تستعمل سواء أكان فيها ماء أم كانت فارغة، والظعينة تطلق على المرأة ولو فارقت هودجها، وهناك دلائل في الاستعمال الفصيح تسند ما نذهب إليه، وكان ينبغي على هؤلاء مراعاة التغير الدلالي الذي يعتري الألفاظ فينتقل بها من الخصوص إلى العموم أو العكس وألا يهملوا عامل التطور وأثره في اللغة.