للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جمهور الأصوليين واللغويين، وهو الرأي الصائب، وقد اتضح من نقوله تهافت حجج المنكرين للمجاز الذين يرون أن جميع اللغة حقائق، ويتضح موقف السيوطي من الحقيقة والمجاز بصراحة فيما أجاب به على سؤال ورد إليه في «العام المراد به الخصوص» هل هو حقيقة أو مجاز؟ فأجاب بأنه مجاز قطعا «١».

ولما كان مبني المجاز على النقل والمناسبة، ونظرا لأهميته في حياة اللغة واتساعها فلقد لجأ إليه المجمعيون في محاولة إمداد اللغة ببعض ما تحتاج إليه في عصرها الحديث من ألفاظ عن طريق النقل مع مراعاة المناسبة كما حدث في إطلاق اسم «القطار» و «البرق» وغيرهما مما كان له دلالة قديمة خاصة على بعض المخترعات الحديثة «٢».

وفي مبحث «العام والخاص» «٣» حاول السيوطي تصنيف ألفاظ اللغة بحسب عموم الدلالة أو خصوصها مقدرا تغير المعنى الذي يعتري الدلالات فينتقل بها من العموم إلى الخصوص أو من الخصوص إلى العموم، وقد قسم هذا المبحث إلى فصول خمسة وهو تقسيم لم يسبق إليه أولها ما وضع عاما واستعمل عاما كالسماء لكل ما علا والصعيد لكل أرض مستوية، وذكر أن ما يسميه اللغويون بالكليات من الألفاظ فهو من هذا القبيل.

وفي الفصل الثاني تناول ما وضع عاما ثم خصص في الاستعمال ببعض أفراده وقد مثل له بلفظ «السبت» الذي يعني في اللغة الدهر ثم خص بأحد أيام الأسبوع، وأورد عديدا من الأمثلة غير ذلك، ثم تناول من الألفاظ ما اعتراه تغيير نحو التعميم أي ما وضع في الأصل خاصا ثم استعمل عاما، فالنجعة- مثلا- أصلها طلب الغيث ثم كثر فصار كل طلب انتجاعا، والقرب طلب الماء ثم صار يقال لكل طلب، والوغى اختلاط الأصوات في الحرب، ثم كثر فصارت الحرب وغى، وهناك كثير من الأمثلة التي جمعها السيوطي من كتب


(١) الحاوي للفتاوى ج ٢ ص ٥٥٥، الأسئلة الوزيرية وأجوبتها.
(٢) انظر مقال المجاز والنقل وأثرهما في حياة اللغة للشيخ محمد الخضر حسين مجلة مجمع اللغة العربية ج ١ ص ٢٩١.
(٣) المزهر ج ١ ص ٤٢٦ النوع التاسع والعشرون.

<<  <   >  >>