للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أو عوارضه بأن يكون المجاز صالحا لأصناف البديع دون الحقيقة، والذي لأجل المعنى إما لعظمة في المجاز أو حقارة في الحقيقة، أو لبيان في المجاز، أو للطف فيه، أما العظمة فكالمجلس، وأما الحقارة فكقضاء الحاجة بدلا عن التغوط، وأما زيادة البيان فإما لتقوية حال المذكور كالأسد للشجاع، أو للذكر وهو المجاز في التأكيد» «١».

ثم يبين التلطف بقوله إن «التعبير بلوازم الشيء الذي هو المجاز لا يفيد العلم بالتمام فيحصل دغدغة نفسانية فكان المجاز آكد وألطف» «٢»، وقد بين أن التعبير بالحقيقة يفيد العلم بالتمام وأن التعبير بالمجاز مثير للتشوق إلى معرفة الحقيقة، ثم نقل السيوطي حديث اللغويين والأصوليين عن الحقيقة والمجاز وبين مواقفهم منها واتضح أن ابن جني من الذين يتوسعون في إطلاق المجاز على كثير من تعبيرات اللغة وعنده أن المجاز يعدل إليه عن الحقيقة «لمعان ثلاثة وهي الاتساع والتوكيد

والتشبيه فإن عدمت الثلاثة تعينت الحقيقة»، بيد أنه يعد أكثر اللغة مجازا لا حقيقة.

وينقل السيوطي عن الرازي محاولة حصر معظم وجوه المجاز في اثني عشر وجها، ثم ينقل كيفية التفرقة بين الحقيقة والمجاز.

ومن الآراء الغريبة ما نسب إلى الأسفراييني من إنكاره وقوع المجاز في اللغة، وقد تعقبه ابن برهان في الأصول فيما نقله عنه السيوطي، كما رجح إمام الحرمين والغزالي نفى هذا الرأي عن الأسفراييني، وقد نسب إلى أبي علي الفارسي إنكار المجاز وهنا علق السيوطي بأن هذا «لا يصح أيضا، فان ابن جني تلميذ الفارسي وهو أعلم الناس بمذهبه، ولم يحك عنه ذلك، بل حكى عنه ما يدل على إثباته» «٣».

ويتضح من هذا موقف السيوطي فهو من القائلين بوقوع المجاز في اللغة شأن


(١) المزهر ج ١ ص ٣٦٠.
(٢) المزهر ج ١ ص ٣٦١.
(٣) المزهر ج ١ ص ٣٦٦.

<<  <   >  >>