تنظيما دقيقا ضم خلاصة المنقول عن القدماء فيما يتصل بالمادة اللغوية وكيفية الاحتجاج بها، ومن يوثق به ومن لا يوثق، وكيفية تصنيفها، وأحوال الناطقين، وما لا يجوز الاحتجاج به.
وفي بقية فصول الكتاب نرى للسيوطي ابتكارات جديدة تنم عن فهم عميق لنصوص السابقين ومحاولة لتهذيب علم أصول النحو وتحديد مسائله تحديدا قاطعا فنراه يقرر القاعدة في أحيان كثيرة ثم يورد من النقول ما يدل عليها.
وقد استطاع بعمله هذا أن يجمع خلاصة أقوال السابقين وأن يتمثلها ثم يرتبها ترتيبا يتناسب مع علم الأصول مضيفا إليها بعض أفكاره، كما استطاع أن يضم إليها مباحث جديدة أغفلها من تحدث في أصول النحو قبله، ومما أغفله ابن جني وابن الأنباري معا فضلا عما قدمنا البحث عن أحوال مستنبط النحو الذي عقد له السيوطي الفصل السابع من كتابة «١».
ويعد كتاب السيوطي من هذه الناحية أهم الكتب التي تناولت أصول النحو، بل إننا لا نكون مغالين إذا قلنا إن أصول النحو بالمعنى العلمي الدقيق لم يوضع فيها غير كتاب السيوطي.
ونستطيع من خلال هذا الكتاب تبين المنهج النحوي بصورة جلية، والفروق بين البصريين والكوفيين في المنهج.
كما نستطيع تبين مواقف السيوطي من بعض القضايا الهامة في الأصول فله موقف حاسم تجاه الاحتجاج بالقرآن الكريم وقراءاته حيث ذهب إلى أن:«كل ما ورد أنه قرئ به جاز الاحتجاج به في العربية سواء كان متواترا أم آحادا أم شاذا، وقد أطبق الناس على الاحتجاج بالقراءات الشاذة في العربية إذا لم تخالف قياسا معروفا، بل ولو خالفته يحتج بها في مثل ذلك الحرف بعينه، وإن لم يجز القياس عليه، كما يحتج بالمجمع على وروده ومخالفته القياس في ذلك الوارد بعينه ولا يقاس عليه نحو «استحوذ»، وما ذكرته من الاحتجاج بالقراءات الشاذة لا أعلم فيه خلافا بين النحاة، وإن اختلف في الاحتجاج بها في الفقه،