للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن ثم احتج على جواز إدخال لام الأمر على المضارع المبدوء بتاء الخطاب بقراءة: «فبذلك فلتفرحوا»، كما احتج على إدخالها على المبدوء بالنون بالقراءة المتواترة: «ولنحمل خطاياكم»، واحتج على صحة قول من قال: ان «الله» أصله «لاه» بما قرئ شاذا: «وهو الذي في السماء لاه وفي الأرض لاه» «١».

وقد خطأ السيوطي قوما من النحاة كانوا يعيبون على عاصم وحمزة وابن عامر قراءات بعيدة في العربية، وذلك لأن معول ثبوت القراءات إنما هو على الرواية وليس على موافقة الأصول النحوية «٢».

والذي نلاحظه أن موقف المتقدمين من النحاة فيه غير قليل من التعسف تجاه الاحتجاج بالقراءات القرآنية لا سيما ما خالف القواعد النحوية، ونلاحظ تغير النظرة عند المتأخرين الذين جوزوا بعض الاستعمالات مستندين إلى بعض القراءات كاعتماد ابن مالك على قراءة ابن عامر «قتل أولادهم شركائهم» في تقرير جواز الفصل بين المضاف والمضاف إليه بمعمول المضاف، وهي القراءة التي أنكرها البصريون والزمخشري «٣» وقد تبع المتأخرين من النحاة ابن مالك فيما ذهب إليه، وهناك أمثلة أخرى تدل على تغير موقف المتأخرين من النحاة عن موقف المتقدمين على النحو الذي بيناه.

ويتخذ السيوطي موقفا وسطا في الاحتجاج بألفاظ الحديث الشريف وتراكيبه بين المجيزين مطلقا والمانعين مطلقا وقد عبر عن ذلك بقوله: «وأما كلامه صلى الله عليه وسلم فيستدل منه بما ثبت أنه قاله على اللفظ المروي، وذلك نادر جدا» «٤».

وقد نقل عنه هذا الرأي البغدادي في مقدمة خزانة الأدب «٥»، وقد رأينا اتساق موقف السيوطي مع ما قرره في أصوله في تناوله لبعض الأحاديث وفي كتبه النحوية المختلفة. وفيما يتصل بكلام العرب الذين يحتج بهم تبع السيوطي


(١) الاقتراح ص ١٥، ١٦.
(٢) الاقتراح ص ١٦.
(٣) شرح الأشموني على ألفية ابن مالك ج ٢ ص ٢٧٦، حاشية الصبان ج ٢ ص ٢٧.
(٤) الاقتراح ص ١٦.
(٥) خزانة الأدب ج ١ ص ٢٦.

<<  <   >  >>