للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ربطهم أصول النحو بأصول الفقه قد ساقهم إلى بحث بعض المسائل بأسماء أي مصطلحات فقهية ليس لها واقع فعلي في اللغة، أو تناول أخرى بطريقة عقلية جدلية لا تتصل أيضا باللغة، وهم بذلك قد وضعوا في أصول النحو ما ليس منه، وأهم هذه المسائل التي دخلت أصول النحو أثرا من آثار أصول الفقه ما يأتي:

١ - بعض المسائل المتصلة بالقياس، والتي ضخم بها هؤلاء بحث القياس دون حاجة داعية إليه في اللغة، حيث أرادوا أن يكون للنحو قياس شبيه بالقياس الفقهي يحدونه بأنه «حمل فرع على أصل بعلة وإجراء حكم الأصل على الفرع»، أو «إلحاق الفرع بالأصل بجامع»، أو «حمل غير المنقول على المنقول إذا كان في معناه» أو غير ذلك من الحدود التي تطابق حد القياس الأصولي «١».

وإذا كان الأصوليون قد حددوا أركان القياس بأربعة أركان هي الأصل والفرع والعلة الجامعة والحكم فقد نقل ابن الأنباري وتبعه السيوطي هذا التحديد إلى القياس النحوي، ومثل ابن الأنباري لهذا القياس قائلا: «وذلك مثل أن تركب قياسا في الدلالة على رفع ما لم يسمّ فاعله فتقول: اسم أسند الفعل إليه مقدما عليه فوجب أن يكون مرفوعا قياسا على الفاعل، فالأصل هو الفاعل والفرع هو ما لم يسمّ فاعله، والعلة الجامعة هي الاسناد والحكم هو الرفع، والأصل في الرفع أن يكون للأصل الذي هو الفاعل، وإنما أجرى على الفرع الذي هو ما لم يسمّ فاعله بالعلة الجامعة التي هي الاسناد، وعلى هذا النحو تركيب قياس كل قياس من أقيسة النحو» «٢»، وقد نقل السيوطي هذا النص عن ابن الأنباري خلال حديثه عن القياس «٣»، ولم يعقب عليه بما يبين أنه نوع مخالف للقياس النحوي الحقيقي الذي تستخرج به الأحكام النحوية، فالواقع أن القياس بهذا المعنى حادث من العرب أنفسهم، ونحن لم نستخرج الحكم النحوي عن طريقه، فالرفع في نائب الفاعل إنما استفدناه عن طريق


(١) ابن الأنباري: لمع الأدلة ص ٩٣، السيوطي: الاقتراح ص ٣٨.
(٢) ابن الأنباري: لمع الأدلة ص ٩٣.
(٣) الاقتراح ص ٣٩.

<<  <   >  >>