للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استقراء المنقول عن العرب إذ استفاض عنهم رفع الاسم مع الفعل المبني للمجهول بصورة تبين أنهم يريدون لهذا الاسم الرفع في كل موضع، فالقياس السابق قياس متكلف مصنوع لا يفيد إثبات الحكم وإنما يحاول تعليل ما جاء عن العرب، فهو ليس إلا ضربا من ضروب التعليل التي تحاول تلمس الحكمة واستخراجها من صور اللغة وأوضاعها.

وبالرغم من أن السيوطي لم يفض في الحديث عن هذا النوع من القياس فإننا نأخذ عليه وضع هذا النقل بين بحثه المستفيض الذي تناول به القياس اللغوي الحقيقي مبينا شروطه وأحكامه.

ومما أدخله السيوطي في القياس اللغوي تأثرا بأصول الفقه وليس له ثمرة عملية تقسيمه القياس إلى أربعة أقسام: «حمل فرع على أصل، وحمل أصل على فرع، وحمل نظير على نظير، وحمل ضد على ضد، وينبغي أن يسمى الأول والثالث قياس المساوي، والثاني قياس الأولى والرابع قياس الأدون» «١»، وقد مثل له بأمثلة تدلنا على أنه لم يكن ينبغي أن يوضع مع مبحث القياس الحقيقي الذي تستنبط به الأحكام النحوية، وإنما مكانه الفلسفة النحوية التي تحاول تعليل الصور اللغوية وارتباطها بعضها ببعض، حيث يحاول هؤلاء النحاة التدليل على أن اللغة تسير في ذلك مراعية منهجا قياسيا معروفا. فهي ليست غير محاولات لإقامة أشكال قياسية مما هو كائن في اللغة، ولا تفيدنا أحكاما نلحق بها ما لم يسمع بما سمع أو نحو ذلك مما هو شأن القياس النحوي الحقيقي.

واستخراج هذه الأشكال القياسية أشبه ما يكون بصنيع الفقهاء الذين يتلمسون ضروبا من هذه الأقيسة في نصوص الكتاب والسنة، ويستدلون بذلك على حجية استخدام القياس فيما بعد أصلا من أصول التشريع «٢».

٢ - بعض ما يتعلق بالعلل النحوية، ونلاحظ أن دراسة العلل النحوية عند


(١) الاقتراح ص ٤٢.
(٢) ابن القيم: إعلام الموقعين ج ١ ص ١١٤ - ١٧٢.

<<  <   >  >>