بتجنب اللبس يبدو مقبولا متفقا مع المنطق اللغويّ السليم.
تلك نماذج من اختيارات السيوطي وآرائه الخاصة وتعليلاته أردت بها أن ألقي الضوء على مذهبه النحوي، وهو في الحقيقة نحوي مصري يجري في اتجاه مدرسته متخيرا من الآراء المختلفة ما تستقيم حججه وبراهينه، ونراه يستشهد في أحيان غير قليلة بالحديث الشريف، وموقفه كما ذكرنا موقف وسط في الاحتجاج بالحديث، ويورد في أحيان أخرى الأحاديث أمثلة يوضح بها الأحكام التي سبق تقريرها، وبالرغم مما قرره نظريا من أن ما يحتج به من الحديث نادر جدا فانه يميل إلى ذكر كثير من الشواهد الحديثيّة عند التطبيق ولكنه لا ينسى أن يعضدها بشواهد أخرى من المادة اللغوية المعتمدة في الاحتجاج قرآنا أو شعرا أو نثرا.
ونستطيع أن نقول ان السيوطي في دراساته النحوية قد استطاع أن يلائم بين منهجه الذي غلب عليه الطابع النقلي وبين المنهج العقلي الاستنباطي، فهو يحشد معظم الآراء النحوية ولكنه يختار أحدها ويعلل اختياره بالحجج والبراهين المعتمدة على الأصول النحوية واللغوية المقررة، ولا يعبأ بمخالفة مشاهير النحاة إذا أداه اجتهاده إلى مخالفتهم، وقد كان صادقا حينما ذكر عن نفسه أنه بلغ درجة الاجتهاد في العربية وأنه ليس بعد ابن هشام نحوي مثله، هذا الحكم لا نستطيع بعد ما قدمنا أن ننكره على السيوطي.