للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عامرة إلى عهد السيوطي «١»، ومن بعده «٢»، كما تحدث عن الخانقاه البيبرسية التي اعتبرت أعظم خانقاه بالقاهرة «٣»، كما ذكر خانقاه شيخو «٤»، ورباط الآثار «٥»، ولم يفرد حديثا لخانقاه سرياقوس إلا ضمن حديثه عن الخانقاه الأولى.

وقد جرت العادة بأن يعين لكل خانقاه شيخ أو أكثر وعدد من الصوفية، كما كانت هذه المنشآت معاهد ثقافية تدرس فيها العلوم الشائعة ووقتذاك، فالشيخونية كان بها أربعة دروس للمذاهب الأربعة ودرس للحديث ودرس للقراءات، ومشيخة لسماع الصحيحين وقد تولى السيوطي تدريس الحديث بهذه الخانقاه منذ وقت مبكر في حياته (شعبان سنة ٨٧٧ هـ) «٦»، كما تولى مشيخة البيبرسية فيما بعد.

وقد كان لكل خانقاه أوقاف سخية تفي بأجور القائمين بالتدريس فيها، كما ينفق منها على الصوفية، وقد حرصت الحجج المعاصرة الخاصة بأوقاف هذه المنشآت على وضع الشروط التي تكفل انقطاع الصوفية للعبادة وعدم تغيبهم عن الخانقاه.

وقد كان للصوفية آداب وتقاليد مرعية، وكثيرا ما اجتمع الناس لمشاهدة صوفية خانقاه سعيد السعداء عند ذهابهم إلى صلاة الجمعة في خشوع ونظام تبركا بهم، وقد كان الصوفية بصفة عامة موضع إجلال الناس وتقديرهم في ذلك العصر، وكان الأمراء يتنافسون في بناء الزوايا لهم.

غير أن الحال لم يبق على ذلك إذ تغير في أواخر ذلك العصر من الصلاح إلى الفساد، وتخلوا عن كثير من النظم والآداب التي عرفوا بها بين الناس كما أنشأ


(١) حسن المحاضرة ج ٢ ص ١٨٧.
(٢) الشعراني: ذيل الطبقات الكبرى، ترجمة الشيخ زكريا الأنصاري ورقة ٢٣ وما بعدها.
(٣) حسن المحاضرة ج ١ ص ١٩٠.
(٤) المصدر السابق ج ٢ ص ١٩١.
(٥) نفس المصدر ج ٢ ص ١٩٥.
(٦) ابن إياس: بدائع الزهور ج ٢ ص ١٤٢.

<<  <   >  >>