من المؤلفات في إنتاج السيوطي، على أن الاتجاه إلى الإكثار من الحواشي والتعليقات والتقريرات قد ازداد بعد ذلك العصر وكان الاتجاه السائد في مؤلفات العصر العثماني بمصر.
وقد كان هذا الأسلوب الذي بيناه في مؤلفات عصر السيوطي يمثل ظاهرة واضحة وعرفا متبعا في التأليف لا يحيد عنه المؤلفون، وربما دفعهم التمسك بالشكل المنهجي إلى وضع المتون والشروح والمنظومات فيما لا تدفع إليه حاجة عملية، ولكن هكذا درجوا وعلى هذا المنهج ساروا كما هو عرف التأليف في عصرهم.
وقد كان لهذا المنهج في التأليف أثره الخطير في الإنتاج العلمي لهذا العصر، فقد ضاع جهد المؤلفين واستفرغت ثمار أذهانهم في نظم المنظومات التعليمية التي احتذوا فيها حذو سابقيهم، وربما زادوا عليهم ما لم يذكروه، وربما لم يزيدوا شيئا له قيمته العلمية، كما تبددت جهودهم في الاختصار والتطويل والجمع والتنظيم والتبويب والتقسيم.
ولعل طابع الزخرفة والتنسيق الذي ظهر في فنون العصر وأثر في الشعر والنثر وطبع الأدب بصنعة متكلفة ثقيلة، هذا الطابع ظهر أثره في المؤلفات العلمية وفي طريقة وضعها وتصنيفها بحيث نجد الاهتمام الأول لدى المؤلف ينصب على التنظيم والتبويب في مؤلفه، وقد يبتكر تنظيما لم يسبق إليه في علم من العلوم.
على أن هذا الاهتمام بالناحية الشكلية في المؤلفات لم يقض قضاء تاما على الاهتمام بالقيمة العلمية في المؤلفات، ولم يصرف المؤلفين في بعض الأحيان عن التجديد والابتكار. والحقيقة أنه من العسير أن نجزم بطرافة بعض الأفكار وأوليتها لدى مؤلف من مؤلفي ذلك العصر، أو أن نجزم بأن صاحب المؤلّف هو أول من طرق فكرة ما أو نبه إلى حقيقة من الحقائق العلمية وسط هذا الركام الضخم من الكتب التي وجدت آنذاك، والتي وصل إلينا بعضها وكثير منها لم تنله أيدينا. غير أنه في إمكاننا أن نقرر أن عالما ما هو الذي اتضحت لديه فكرة معينة لم تتضح لدى سابقيه أو أنه هو الذي طرق بابا من الأبواب يظن أن غيره لم يعمد إلى طرقه.