للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتواضع، وحسن الخلق، والزهد، قال الله تعالى: (إنَّما يَخْشى الله مِنْ عِبَادِهِ الْعُلماءُ) فاطر: ٢٨ وقال تعالى: (خاشِعينَ لله) آل عمران: ١٩٩ الآية فلا بدّ له من التواضع وحسن الخلق، قال اللّّه عزّ وجلّ: (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنينَ) (وَقُلْ إني أنا النَّذيرُ المْبُينُ) الحجر: ٨٨ - ٨٩، وقال تعالى: (فبِما رَحْمَةٍ مِنَ الله لِنْتَ لَهُمْ) آل عمران: ١٥٩ الآية والزهد في الدنيا، قال الله تعالى: (الَّذينَ أُوتُوا الْكتَابَ) التوبة: ٢٩ ويلكم ثواب الله خير فمن وجد فيه هذه الخلال فهو من العلماء بالله عزّ وجل واعلم أنه إنما يستبين العالم عند المشكلات في الدين ويحتاج إلى العارف عند شبهات حاكت الصدور كما قال عبد الله بن مسعود رضي اللّّه عنه: لا تزالون بخير ما إذا حاك في صدر أحدكم شيء وجد من يخبره به ويشفيه منه وأيم الله أوشك أن لا تجدوا ذلك، وكما قال له رسول اللّّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أي الناس أعلم فقال: الله ورسوله أعلم، فقال أعلمهم بالحق إذا اشتبهت الأمور ووقعت المشكلات، وإن كان يزحف على أسته، فكذلك إذا اختلف الناس وإن كان في عمله تقصير وكما قال في حديث عمران بن حصين: إن الله تعالى يحب البصر الناقد عند ورود الشبهات والعقل الكامل عند هجوم الشهوات ويحب السخاء ولو على تمرات ويحب الشجاعة ولوعلى قتل الحيات، وقد حصلنا في زماننا هذا في مثل ما خافه ابن مسعود لأن مشكلة لو وردت في معاني التوحيد وشبهة لو اختلجت في صدر مؤمن من معاني صفات الموحد وأردت كشف ذلك على حقيقة الأمر بما يشهده القلب الموفق ويثلج له الصدر المشروح بالهدى كان ذلك عزيزاً في وقتك هذا ولكنت في استكشاف ذلك بين خمسة نفر، مبتدع ضال يخبرك برأيه عن هواه فيزيدك حيرة، أو متكلم يفتيك بقصور علمه عن شهادة الموقنين وبقياس معقوله على ظاهر الدين وهذا شبهة فكيف تنكشف به شبهة، أو صوفيّ شاطح تائه غالط يجاوز بك الكتاب والسنة لا يباليهما ويخالف بقوله الأئمة لا يتحاشاها فيجيبك بالظن والوسواس والحدس والتمويه ويمحو الكون والمكان ويسقط العلم والأحكام ويذهب الأسماء والرسوم، وهؤلاء تائهون في مفازة التيه لم يقفوا على الحجة قد غرقوا في بحر التوحيدلم يجعلوا أئمة المتقين ولا حجة للمتقين وهذا ساقط القول إذ ليس معه حجة ولا هو على سنن المحجة، أو مفتٍ عالم عند نفسه موسوم بالفقه عند أصحابه يقول هذا من أحكام الآخرة ومن علم الغيب لا نتكلم فيه لأنّا لم نكلفه وهو في أكثر مناظرته يتكلم فيما لم نكلف ويجالد فيما لم ينطق به السلف ويتعلم ويعلم ما علمه بتكلف ولا يعلم المسكين أنه كلف علم يقين الإيمان وحقيقة التوحيدومعرفة إخلاص المعاملة وعلم ما يقدح في الإخلاص ويخرج من جملته قبل ما هو فيه لأنه متكلف لبعض ما هو يبتغيه لأن علم الإيمان وصحة التوحيد وإخلاص العبودية للربوبية وإخلاص الأعمال من الهوى الدنيوية

<<  <  ج: ص:  >  >>