وقال في خطاب لطيف لأوليائه يعرفهم نفاذ أحكامه فيهم وجريان مشيئته عليهم: فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البيّنات فاعلموا أن الله عزيز حكيم، عزيز لا يوصل إليه إلا به، حكيم حكم بمشيئته على عباده، ثم يغفر الذنوب جميعاً فلا يبالي كما أجرى على من فضله على العالمين، مقالة الكافرين فلم يضرّهم مع تفضيله لهم إذ قالوا لموسى عليه السلام: اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة، فقال: أغير الله أبغيكم إلهاً وهو فضّلكم على العالمين؛ وبهذا المعنى عارض عليّ كرّم اللّّه وجهه رأس الجالوت لما قال له: لم تلبثوا بعد نبيكم عليه السلام إلا ثلاثين سنة حتى ضرب بعضكم وجه بعض بالسيف فقال عليّ كرّم الله وجهه: أنتم لم تجفّ أقدامكم من ماء البحر حتى قلتم لموسى: اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة.
وروينا عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إذا حدثتم الناس عن ربهم فلا تحدثوهم بمايفزعهم وينفرهم، وقال في حديث آخر: بشّروا ولا تنفروا ويسّروا ولا تعسّروا، ولما وعظهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً الحديث، فهبط جبريل عليه السلام فقال: إن الله تعالى يقول: لم تقنط عبادي؟ فخرج إليهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فرجاهم وشوّقهم، ولما تلا الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذه الآية:(إنَّ زَلْزَلَة السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) الحج: ١ قال: أتدرون أيّ يوم؟ هذا يوم يقال لآدم عليه السلام: قم فابعث نصيب النار من ذرتك، فقال: كم؟ قيل من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار وواحد إلى الجنة، قال: فبكوا يومهم ذلك وتركوا الأشغال والعمل، فخرج عليهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ