للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخلق فيك، قال: أما علمت أن محبتي أن تعطف على عبادي وتأخذ عليهم بالفضل هنالك، أكتبك من أوليائي وأحبابي ولا تنظر إلى عبيدي نظرة جفاء ولا قسوة، فإذا أنت قد أبطلت أجرك فاحفظ عني ثلاثًا: خالص حبيبي مخالصة، وخالف أهل الدنيا مخالفة، ودينك فقلدنيه، وعن داود وغيره من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام: أحبّني وأحبّ من يحبني وحببني إلى خلقي، قال: يا ربّ هذا أحبّك وأحبّ من يحبّك، فكيف أحببك إلى خلقك؟ فقال عزّ وجلّ: اذكرني لحسن الجميل واذكر آلائي وإحساني وذكرهم ذلك فإنهم لايعرفون مني إلا الجميل.

وروي عن يزيد الرقاشي عن أنس: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ألا أخبركم عن أقوام ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء بمنازلهم من الله تعالى على منابر من نور يعرفون عليها، قالوا: من هم؟ قال: الذين يحببون عباد الله إلى الله تعالى ويحببون الله عزّ وجلّ إلى عباده ويمشون في الأرض نصحاء، فقلنا هذا حببوا الله إلى عباده فكيف يحببون عباد الله إلى الله؟ قال: يأمرونهم بما يحبّ الله وينهونهم عما حرم الله فإذا أطاعوهم أحبهم الله، ورؤي أبان بن عياش في النوم بعد موته، وكان من أكثر الناس حديثاً بالرخص وأبواب الرجاء فقال: أوقفني ربي عزّ وجلّ بين يديه فقال: ما حملك على أن حدثت عني بما حدثت به من الرخص؟ قال: فقلت يا ربّ أردت أن أحبّبك إلى خلقك، قال: قد غفرت لك، وحدثت عن مالك بن دينار: أنه لقي أبانا فقال: إلى كم تحدث للناس بالرخص فقال: يا أبا يحيى إني لأرجو أن ترى من عفو الله تعالى يوم القيامة ما تخرق له كساءك هذا من الفرح.

وفي حديث ربعي بن حراش عن أخيه، وكان من خيار التابعين وهو ممّن تكلم بعد الموت، قال: لما مات أخي سجّي بثوبه وألقيناه على نعشه فكشف الثوب عن وجهه واستوى قاعداً وقال: إن لقيت ربي عزّ وجلّ فحياني بروح وريحان وربّ غير غضبان، وإني رأيت الأمر أيسر مما تظنون ولا تغتروا فإن محمدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينتظرني وأصحابه حتى أرجع إليهم قال: ثم طرح نفسه فكأنه كانت حصاة وقعت في طست فحملناه فدفناه، وقال بكر بن سليمان: دخلنا على مالك رحمه الله تعالى في العشية التي قبض فيها فقلنا كيف تجدك؟ قال: ما أدري ما أقول لكم إلا أنكم ستعاينون غداً من عفو الله تعالى ما لم يكن لكم في حساب، قال: فما برحنا حتى أغمضناه ودفناه، ورؤي يحيى بن أكثم في النوم فقيل: ما فعل الله تعالى بك: فقال: أوقفني بين يديه وقال: ياشيخ السوء فعلت وفعلت قال: فأخذني من الرعب والفزع ما يعلم الله تعالى، ثم قلت ياربّ ما هكذا حدثت عنك، فقال: وما حدثت عني؟ فقلت: حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أنس بن مالك عن نبيّك صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنك أنك قلت: تباركت وتعاليت أنا عند ظنّ عبدي بي فليظن بي ما شاء، وقد كنت أظنّ بك أن لا تعذّبني، فقال عزّ وجلّ: صدق نبييّ وصدق

<<  <  ج: ص:  >  >>