أنس صدق الزهري وصدق معمر وصدق عبد الرزاق وصدقت، قال: فغلفت وخلع عليّ وألبست ومشى بين يدي الولدان إلى الجنة فقلت يا لها من فرحة.
وفي الخبر: أن رجلاً من بني إسرائيل كان يشدد على الناس ويقنطهم من رحمة الله تعالى فيقول الله تعالى له يوم القيامة: اليوم أؤيسك من رحمتي كما كنت تقنط عبادي منها، وفي الحديث: أن رجلين تواخيا في الله تعالى من بين إسرائيل فكان أحدهما عابداً والآخر مسرفًا على نفسه، فكان هذا العابد ينهاه ويزجره فيقول له: دعني وربي أبعثت عليّ رقيباً؟ حتى رآه ذات يوم على كبيرة فغضب فقال: لا يغفر الله لك قال: فيقول الله تعالى له يوم القيامة: أتستطيع أن تحظر رحمتي على عبادي اذهب فقد غفرت لك، ثم قال للعابد: وأنت فقد أوجبت لك النار، قال: فوالذي نفسي بيده لقد تكلم بكلمة أهلكت دنياه وآخرته، وروينا في معناه أن لصّاً كان يقطع الطريق أربعين سنة في بني إسرائيل فمرّ عليه عيسى عليه السلام وخلفه عابد من عباد بني اسرائيل من الحواريين فقال للصّ في نفسه: هذا نبي الله يمرّ وإلى جنبه حواريه لو نزلت فكنت معهما ثالثًا، قال: فنزل فجعل يريد أن يدنو من الحواري ويزدري نفسه تعظيماً للحواري ويقول في نفسه: مثلي لا يمشي إلى جنب هذا العابد قال وأحس به الحواري فقال في نفسه: هذا يمشي إلى جانبي قال: فضمّ نفسه وتقدم إلى عيسى عليه السلام فمشى إلى جانبه فبقي اللصّ خلفه، قال: فأوحى الله تعالى إلى عيسى عليه السلام: قل لهما يستأنفان العمل فقد أحبطت ما سلف من أعمالهما، أما الحواري فقد أحبطت حسناته لعجبه بنفسه وأما الآخر فقد أحبطت سيئاته بما ازدرى على نفسه قال: فأخبرهما بذلك وضمّ اللص إلىه سياحته وجعله من حواريه.
وروينا عن مسروق بن الأجدع: إن نبيَّا من الأنبياء كان ساجدًا فوطئ بعض العتاة على عنقه حتى الزق الحصى بجبهته قال: فرفع النبي عليه السلام رأسه مغضبًا فقال: اذهب فلن يغفر الله قال: فأوحى الله تعالى إليه تتألى عليّ في عبادي أني قد غفرت له.
قال ابن عباس رضي الله عنه كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقنت يدعو علي لمشركين ويلعنهم في صلاته فنزلت ليقطع طرفًا من الذين كفروا أو يكبتهم إلي قوله:(لَيْسَ لَكَ مِنَ الأمْرِ شَيْءٌ أوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أوْ يُعَذِّبَهُمْ) آل عمران: ١٢٨ قال: فترك الدعاء عليهم، قال: فهدى اللّّه تعالى عامة أولئك الإسلام.
والأخبار فيما يوجب الرجاء وحسن الظن أكثر من أن تجمع ولم نقصد جمعها، وإنما دللنا بقليل على كثير، ونبهنا عقول ذوي التبصير، وقد قال الله سبحانه وتعالى:(يَا أَيُّها الإنْسَانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الكَرِيمِ) الانفطار: ٦ فنبه العبد مع غرته على كرمه، وذكره مع جهله حسن تسويته إياه بتعديله، يدل على نعمته.