الفهم والمشاهدة، وهو محل الإيمان، وقد قال الله:(كَتَبَ في قُلُوبِهِمُ الإيمَانَ) المجادلة: ٢٢ وقال: إنّ في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، فمحبة الإسلام مفترضة على الخلق وهي متصلة بأداء الفرائض واجتناب المحارم طاعة لله ومحبة له، فأما محبة المقربين فعن مشاهدة معاني الصفات وبعد معرفة أخلاق الذات، وهي مخصوصة بمخصوصين، والأصل في هذا أنّ المحبة، إذا كانت عن المعرفة فإنّ المعرفة عموم وخصوص؛ فلخصوص العارفين خاصة المحبة، ولعمومهم عموم المحبة. صفه: تالله لقد آثرك الله علينا، وقال بعض العلماء: إنّ ظاهر القلب محل الإسلام، وإن باطنه مكان الإيمان، فمن ههنا تفاوت المحبون في المحبة لفضل الإيمان على الإسلام، وفضل الباطن على الظاهر، وفرّق بعض علمائنا البصريين بين القلب والفؤاد، فقال: الفؤاد مقدم القلب وما استدق منه، والقلب أصله وما اتسع منه، وقال مرة: في القلب تجويفان، فالتجويف الظاهر هو الفؤاد وهو مكان العقل، والتجويف الباطن هو القلب وفيه السمع والبصر وعنه يكون الفهم والمشاهدة، وهو محل الإيمان، وقد قال الله:(كَتَبَ في قُلُوبِهِمُ الإيمَانَ) المجادلة: ٢٢ وقال: إنّ في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، فمحبة الإسلام مفترضة على الخلق وهي متصلة بأداء الفرائض واجتناب المحارم طاعة لله ومحبة له، فأما محبة المقربين فعن مشاهدة معاني الصفات وبعد معرفة أخلاق الذات، وهي مخصوصة بمخصوصين، والأصل في هذا أنّ المحبة، إذا كانت عن المعرفة فإنّ المعرفة عموم وخصوص؛ فلخصوص العارفين خاصة المحبة، ولعمومهم عموم المحبة.
ويروى في الأخبار السالفة: أنّ زليخا لما آمنت وتزوّج بها يوسف عليه السلام، انفردت عنه وتخلت للعبادة وانقطعت، فكان يدعوها إلى فراشه نهاراً فتدافعه إلى الليل، فإذا دعاها ليلاً سوّفته نهاراً فقالت: يا يوسف إنما كنت أحبك قبل أن أعرفه، فأما إذ عرفته فما أبقت محبته محبة لسواه، وما أريد به بدلاً حتى قال لها: فإنّ الله أمرني بذلك، وأخبرني أنّه مخرج منك ولدين وجاعلهما نبيين فقالت: أما إذا كان الله أمرك بذلك وجعلني طريقاً إليه فطاعة لأمر الله، فعندها سكنت إليه، وقال بعض العلماء بالله: إذا تم التوحيد تمت المحبة، وإذا جاءت المحبة تم التوكّل، فتم إيمانه وخلص فرضه وسمّي ذلك يقيناً، وقال الفضيل بن عياض في فرض المحبة: إذا قيل لك: تحبّ الله؟ فاسكت فإن قلت: لا، كفرت وإن قلت: نعم، فلس وصفك وصف المحبين، فاحذر المقت، وقال بعض علمائنا: ليس في الجنة نعيم أعلى من نعيم أهل المعرفة والمحبة، ولا في جهنم عذاب أشدّ من عذاب من ادعى المعرفة والمحبة، ولم يتحقق بشيء من ذلك، وقال عالم فوقه: كل أهل المقامات يرجى أن يعفى عنهم ويسمح لهم إلا من ادعى المعرفة والمحبة، فإنهم يطالبون بكل شعرة مطالبة، وبكل حركة وسكون وكل نظرة وخطرة لله وفي الله ومع الله، واعلم أنّ المحبة من الله لعبده ليست كمحبة الخلق، إذ محبة الخلق تكون حادثة لأحد سبع معان؛ لطبع أو لجنس أو لنفع أو لوصف أو لهوى أو لرحم ماسة أو لتقرب بذلك إلى اللّّه، فهذه حدود الشيء الذي يشبهه الشيء، والله يتعالى عن جميع ذلك لا يوصف بشيء منه إذ ليس كمثله شيء في كل شيء ولأن هذه أسباب محدثة في الخلق لمعان حادثة ومتولدة من المحبين لأسباب عليهم داخلة، وقد تتغير الأوقات وتنقلب لانقلاب الأوصاف، ومحبة الله سابقة للأسباب عن كلمته الحسنى، قديمة قبل الحادثات عن عنايته العليا، لا تتغير أبداً ولا تنقلب لأجل مابدا لقوله تعالى: إنّ الذين سبقت لهم منا الحسنى، يعني الكلمة الحسنى، وقيل المنزلة الحسنى فلا يجوز أن يسبقها سابق منهم بل قد سبقت كل سابقة، تكون: