وَمِنَ النَّاس مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ الله) البقرة: ٢، ٧، ثم يحب من رضي به ورضي عنه، إذ كان قد اختاره على ما سواه وإذ صار حسبه لما رآه، فصارت هذه المقامات التسع كمقام واحد، بعضها منوط ببعض، ودليلها كتاب الله تبارك وتعالى الحقّ اليقين النور المبين، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه من طريق الهوى، ولا من خلفه من خيل الأعداء، فأشبهت دعائم الإسلام الخمس في مقام العموم من طريق الإسلام، إذ بعضها مرتبط ببعض كهذه في مقام الخصوص من طريق المقرّبين، ثم يرجع بعد مقام المحبة إلى حال الرضا قوة فقوة، ثم يتردد في مقام المحبة رتبة رتبة، وليس فوق حال الرضا مقام يعرف، ولا فوق مقام المحبة حال يوصف، وهما موجب المعرفة ومنتهاها المعروف وقرارها المألوف، وإن إلى ربّك المنتهى، إلى ربّك يومئذ المستقر، فليس للرضا نهاية إذ ليس للمحبوب غاية، وإنّ الرضا مزيد أهل الجنة، في الجنة وليس للحب نهاية لأنه عن الوصف ولا غاية للصفات وليس لطلب المحبّ حدّ لأنه عن القرب، ولا غاية للقرب لأنه عن وصف قريب، ولا حدّ لقرب فيترافع المؤمنون في الحبّ مقامات على تجلّي الحبيب بمعاني الصفات، ويتزايد الرضوان في الرضا درجات حسب تعاليمهم في علو المشاهدات، ويتعالى أهل عليّين في العلوّ غايات على قدر أنصبتهم من قوة الإيمان وصفاء اليقين. َيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ) الزمر: ٩، وقد ذم من أيس من رحمته بقوله: ولئن أذقنا الإنسان منا رحمة ثم نزعناها منه، إنه ليؤس كفور، ثم يخاف فوت ما رجا ويخاف من تقصيره في الشكر لما أولى، لتحق غبطته برجائه ويتم إشفاقه من تبديل الآية ويخاف نقصان المزيد كما قال سبحانه:(يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وطَمَعاً) السجدة: ١٦، وقال مخبراً عن أوليائه: إنّا كنا قبل في أهلنا مشفقين فمنّ الله علينا وقد عاب الله من فرح بما أظهر له وفخر بما أوتي ومن عود البلاء ونسي أنه كان مبتلي، في قوله تعالى: ولئن أذقناه نعماء بعد ضرّاء مسّته ليقولنّ: ذهب السيّئات عني إنه لفرح فخور، ثم يتوكل على من خافه فيسلم نفسه إليه ويستسلم بين يديه، أن يحكم فيه ما أحبّ لقوله تعالى:(وَعَلَى الله فَتَوَكَّلوا إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنينَ) المائدة: ٢٣، وقوله: نعم أجر العاملين الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون، ثم يرضى بمن توكل عليه وعمّن توكل له لعلمه بحكمته البالغة وتدبيره الحسن لقوله تعالى:(رِضِيَ الله عَنْهُمْ رَضُوا عَنْهُ) المائدة: ١١٩، ولقوله تعالى:(وَمِنَ النَّاس مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ الله) البقرة: ٢، ٧، ثم يحب من رضي به ورضي عنه، إذ كان قد اختاره على ما سواه وإذ صار حسبه لما رآه، فصارت هذه المقامات التسع كمقام واحد، بعضها منوط ببعض، ودليلها كتاب الله تبارك وتعالى الحقّ اليقين النور المبين، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه من طريق الهوى، ولا من خلفه من خيل الأعداء، فأشبهت دعائم الإسلام الخمس في مقام العموم من طريق الإسلام، إذ بعضها مرتبط ببعض كهذه في مقام الخصوص من طريق المقرّبين، ثم يرجع بعد مقام المحبة إلى حال الرضا قوة فقوة، ثم يتردد في مقام المحبة رتبة رتبة، وليس فوق حال الرضا مقام يعرف، ولا فوق مقام المحبة حال يوصف، وهما موجب المعرفة ومنتهاها المعروف وقرارها المألوف، وإن إلى ربّك المنتهى، إلى ربّك يومئذ المستقر، فليس للرضا نهاية إذ ليس للمحبوب غاية، وإنّ الرضا مزيد أهل الجنة، في الجنة وليس للحب نهاية لأنه عن الوصف ولا غاية للصفات وليس لطلب المحبّ حدّ لأنه عن القرب، ولا غاية للقرب لأنه عن وصف قريب، ولا حدّ لقرب فيترافع المؤمنون في الحبّ مقامات على تجلّي الحبيب بمعاني الصفات، ويتزايد الرضوان في الرضا درجات حسب تعاليمهم في علو المشاهدات، ويتعالى أهل عليّين في العلوّ غايات على قدر أنصبتهم من قوة الإيمان وصفاء اليقين.
قال الله تعالى:(وَأَنْتُمُ الأعْلَوْنَ إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنين) آل عمران: ١٣٩، فأعطاهم من معاني وصفه العلو، ثم وصف نصيبهم بوصفهم فقال: إنّ كتاب الأبرار لفي علّيين، وما أدراك ما عليّون، فعليّون لانهاية له في العلوّ إذ هو من أسماء المبالغة في الوصف، وقيل: إنه اسم لا واحد له من جنسه، فهو عليّ في علوّهم يعلو بهم أبداً في علوّ علوّهم في دار الأبد، وهم أعلون لأن الأعلى معهم، فهم يعلون به، وعليّون يلعو بهم هذا كله لأنه معهم، كما قال: وأنتم الأعلون والله معكم، فالرضا الأول الذي هو قبل المحبة مقام التوكّل، وحال المحبّ المحبوب حاله، والرضا الثاني الذي يكون بعد المحبة مقام المعرفة، وحال المحبوب التوكل حاله، والمحبة من أشرف المقامات ليس فوقها إلا مقام الخلّة، وهو مقام في المعرفة الخاصة وهي تخلّل أسرار الغيب، فيطلع على مشاهدة المحبوب باب يعطي حيطة بشيء من علمه بمشيئته على مشيئته التي لا تنقلب، وعلمه القديم الذي لا يتغيرّ، وفي هذا المقام الإشراف على بحار الغيوب وسرائر ما كان في القديم، وعواقب ما يؤت، ومنه مكاشفة العبد بحاله وإشهاده من المحبة مقامه، والإشراف على مقامات العباد من المآل والإطلاع عليهم في تقلبهم في الأبد حالاً فحالاً، وقد ذكر أبو يزيد البسطامي وأبو محمد سهل أنهما أقيما في هذا المقام، ووصفا حاليهما منه، وقد كان لشقيق وابن أدهم البلخيين مطالعات في هذه المعاني، وقد سلك