الصلاة، فإنه جنة له من العدو، وأن يستعيذ في كل ركعة قبل قراءة الحمد لأنه يكون قارئاً للقرآن ولأنّ كل ركعة صلاة، وأن يضم أصابع كفيه في التكبير وأن يراوح بين قدميه في القيام، لا يضم كعبيه ولكن يجعل بين قدميه مقدار أربع أصابع، فإنّ ذلك يستحب، قال بعضهم: كانوا يفتقدون الإمام إذا كبر في ضم الأصابع، وإذا قام في تفرقة الأقدام، قال: فيستدلون بذلك على فقهه، ونظر ابن مسعود إلى رجل قد ألزق كعبيه في الصلاة فقال: لو رواح بينهما كان قد أصاب السنة.
وقد يروى في خبر أنّ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الصفن والصفد في الصلاة، فأما الصفن فرفع إحدى الرجلين من قوله تعالى:(الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ) ص: ٣١، إذا عطف الفرس طرف سنبكه، وأما الصفد فهو اقتران القدمين معاً ومنه قوله تعالى:(مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ) إبراهيم: ٤٩، واحدها صفد، وقد رأيت بعض العلماء يفرق بين أصابعه في التكبير، وتأول أنّ ذلك معنى الخبر أنّ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كان إذا كبر نشر أصابعه نشراً، وذلك محتمل لتوكيده بالمصدر، وهو قوله نشراً، فيصلح أن يكون قوله نشراً، يريد به التفرقة، وقد تسمى التفرقة بثاء ونشراً لأنّ حقيقة النشر البسط، وقد قال الله تعالى:(وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ) الغاشية: ١٦، فهذا هو التفرقة وقال في معنى البث كالفراش المبثوث، ثم قال في مثله:(كأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ) القمر: ٧، فإذا كان النشر مثل البث، وكان البث هو التفرقة، كان قوله نشراً بمعنى فرق، إلاّ أنّ إسحاق بن راهويه سئل عن معنى قوله نشر أصابعه في الصلاة نشراً فقال: هو فتحها وضمها، أراد بذلك أن يعلم أنه لم يكن يقبض كفه وهذا وجه حسن، لأن النشر ضد الطي في المعنى، والقبض طي، ورأيت ثلاثة من العلماء يفرقون أصابعهم في التكبير منهم: أبو الحسن صاحب الصلاة في المسجد الحرام وكان فقيهاً، ورأيت ثلاثة يضمون أصابعهم: منهم أبو الحسن بن سالم وأبو بكر الآجري، وأحسب أنّ أبا زيد الفقيه كان يفرق في أكثر ظني إذا تذكرت تكبيره، قول: آمين من فضائل الصلاة، روي عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: إذا قال الإمام: ولا الضالين فقولوا: آمين، فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه، وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرفع صوته بآمين، وفي لفظ: آمين لغتان: المد والقصر، والميم فيهما مخففة لأنك إذا شددت الميم أحلت المعنى، فيكون معناه قاصدين من قوله ولا آمين البيت الحرام، وأن يترك إحدى يديه على الأخرى قابضاً على الزندين بين السرّة والصدر، فإنّ ذلك من الخشوع، وقال بعض العلماء: ما أحسبه ذل بين يدي عزيز.
وروي عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه من سنن المرسلين، وفسر عليّ عليه السلام قوله تعالى: فصل لربك وانحر، قال: وضع اليمين على الشمال، وهذا موضع علم علي رضي الله تعالى عنه، ولطيف معرفته، لأنّ تحت الصدر عرقاً، يقال له: الناحر لا يعلمه العلماء،