فاشتق عليّ رضي الله عنه قوله: وانحر من لفظ الناحر: أي أوضع يدك على إلا الناحر، وهذا هو العرق، كما يقال ادمغ؛ أي أصب الدماغ ولم يحمله على نحر البدن، لأنه ذكر في الصلاة، ومن الناس من يظن اشتقاقه من النحر، والنحر هو تحت الحلقوم عنده لمتقي التراقي، واليد لا توضع هناك إلا من قال من أهل اللغة في معناه: وانحر أي وجه القبلة بنحرك، فهذا لعمري وجه لا يقعي في الصلاة، وهو أن يجلس على قدميه وينصب ركبتيه، هذا مذهب أهل اللغة في الإقعاء، أو على ركبتيه جاثياً وأصابع رجليه في الأرض، هذا مذهب أهل الحديث، وليجتنب السدل والكف، فإمّا السدل فهو أن يرخي أطراف ثيابه على الأرض وهو قائم، يقال: سدل وسدن بمعنى واحد، وقد تبدل اللام نوناً لقرب المخرجين إذا أرسل ثيابه، ومنه قيل: سدنة الكعبة أحدهم سادن، وهم قوامها الذين يسلبون عليها كسوتها؛ وسدانة الكعبة ثيابها المسبلة، وهذا قول أهل اللغة ومذهب أهل الحديث في السدل أن يلتحف بثوبه، ويدخل يديه من داخل فيركع ويسجد كذلك، ولأنّ هذا فعل اليهود في صلاتهم فنهوا عن التشبه بهم، والقميص في معناه؛ ولا يركع ويسجد ويداه في بدن القميص إن اتسع، فأما أن يدخل يديه في جسد القميص في السجود فمكروه، وقد قال بعض الفقهاء في السدل قولاً ثالثاً قال: هو أن يضع وسط إزاره على رأسه، ويرسل طرفيه عن يمينه وشماله من غير أن يجعلهما على كتفيه، وهذا قول بعض المتأخرين وليس بشيء عندي، والأولان أعجب إليّ، وهما مذهب القدماء، وأما الكف فقد نهي عنه في الصلاة أيضاً، وهو أن يرفع ثيابه من بين يديه أو من خلفه إذا أراد السجود، وأكره أن يأتزر قوق القميص فإنه من الكف، وقد روي عن أحمد بن حنبل رضي الله عنه كراهية ذلك، وروينا عن بعض أولاد عمر بن الخطاب رضي الله عنه الرخصة في ذلك صلّى أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ محتزماً بعمامته فوق القميص، وقد يكون الكف في شعر الرأس، فلا يصلين وهو عاقص شعره، وفي الحديث: أمرت أن أسجد على سبعة أعضاء ولا أكف شعراً ولا ثوباً، ونهى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الاختصار في الصلاة وعن الصلب، فأما الاختصار فأن يضع يده على خاصرته، وأما الصلب فأن يضع يديه جميعاً على خصريه ويجافي بين