تغير لونه واصفرّ وأرعد، فقيل له في ذلك فقال: تدرون بين يدي من أريد أن أقف وعلى من أدخل ولمن أخاطب؟ وقال بعض العارفين: للصلاة أربع فرائض؛ إجلال المقام، وإخلاص السهام، ويقين المقال، وتسليم الأمر، وقال أبو الدرداء: خيار عباد الله الذين يراعون الشمس والقمر والأظلّة لذكر الله تعالى وكان وكيع يقول: من لم يأخذ أهبة الصلاة قبل وقتها لم يحافظ عليها ومن تهاون بتكبيرة الإحرام فاغسل يدك منه.
وروينا في تفسير قوله تعالى:(سَابِقُوا إلى مَغْفِرَةِ مِنْ رَبِّكُمْ) الحديد: ٢١، قال: تكبيرة الإحرام، وفي حديث أبي كاهل عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من صلّى أربعين يوماً الصلوات في جماعة لا يفوته منها تكبيرة الإحرام كتب له براءتان؛ براءة من النفاق، وبراءة من النار، وقال سعيد بن المسيب: منذ أربعين سنة ما فاتتني تكبيرة الإحرام في جماعة، وكان يسمى حمامة المسجد، وقال عبد الرزاق: من عشرين سنة ما سمعت الأذان إلا في المسجد، ويقال: إنه إذا كان يوم القيامة أمر بطبقات المصلين إلى الجنة زمراً، قال: فتأتي أول زمرة كان وجههم الكوكب الدري فتستقبلهم الملائكة فيقولون: من أنتم؟ فيقولون: نحن المصلّون من أمة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيقولون: ما كانت أعمالكم في الدنيا؟ فيقولون: كنا إذا سمعنا الأذان قمنا إلى الطهارة لا يشغلنا غيرها، فتقول الملائكة: يحق لكم ذلك، ثم تأتي الزمرة الثانية فوق أولئك في الحسن والجمال كأنّ وجوههم الأقمار فتقول الملائكة: من أنتم؟ فيقولون: نحن المصلّون، فيقولون: وما كانت صلاتكم؟ فيقولون: كنا نتوضأ للصلاة قبل دخول وقتها، فتقول الملائكة: يحق لكم ذلك، ثم تأتي الزمرة الثالثة فوق هؤلاء في المنزلة والجمال كأنّ وجوههم الشمس الضاحية، فتقول الملائكة: أنتم أحسن وجوهاًوأعلى مقاماً فما أنتم؟ فيقولون: نحن المصلّون، فيقولون: وما كانت صلاتكم؟ فيقولون: كنا نسمع الأذان في المسجد، فتقول الملائكة: يحق لكم ذلك.
وقال بعض العلماء رضي الله عنهم: سميت الصلاة صلاة لأنها صلة بين العبد وبين الله عزّ وجلّ ومواصلة من الله تعالى لعبده، ولا تكون المواصلة والمنال إلا لتقّي، قال الله تعالى:(لَنْ يَنَالَ الله لُُحُومُهَا وَلاَدِمَاؤُهَا وَلكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوى مِنْكُمْ) الحج: ٣٧، ولا يكون التقيّ إلا خاشعاً فعندها لا يعظم عليه طول الوقوف ولا يكثر عليه الانتهاء عن المنكر والائتمار بالمعروف، كما قال سبحانه وتعالى:(إنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكِرَ) العنكبوت: ٤٥، والخاشعون من المؤمنين هم الآمرون بالمعروف، والناهون عن المنكر، الحافظون لحدود الله جزاؤهم البشرى، كما قال:(وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ) الأحزاب: ٤٧ والخاشعون أيضاً الخائفون، الذاكرون، الصابرون، والمقيمون الصلاة، فإذا كملت هذه الأوصاف فيهم كانوا مخبتين، وقد قال سبحانه:(وَبَشِّرِ الْمُخْتِتِينَ) الحج: ٣٤، وكان ابن مسعود إذا نظر إلى الربيع بن خيثم يقول: وبشر المختبين أما والله لو رآك