للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لفرح بك، وفي لفظ آخر لأحبك، يقال: إنه كان يختلف إلى منزل ابن مسعود عشرين سنة لا تحسب جارية ابن مسعود إلا إنه أعمى لشدة غضّ بصره وطول إطراقه إلى الأرض بنظره، وكان إذا دق الباب عليه تخرج إليه إنه أعمى لشدة غضّ بصره وطول طاقه إلى الأرض بنظره، وكان إذا دق الباب عليه تخرج إليه الجارية فإذا رأته قالت لعبد الله صديقك ذاك الأعمى قد جاءك فكان ابن مسعود يضحك ويقول: ويحك ذاك الربيع، ومشى ذات يوم مع ابن مسعود في الحدادين فلما نظر إلى الأكوار تنفخ وإلى النيران تلتهب، صعق وسقط مغشياً عليه، وقعد ابن مسعود عند رأسه إلى وقت الصلاة فلم يفق فحمله ابن مسعود على ظهره إلى منزله، فلم يزل مغشياً عليه إلى الساعة التي صعق فيها حتى فاتته خمس صلوات، وابن مسعود عند رأسه يقول: هذا والله الخوف، وكان هذا يقول: ما دخلت في صلاة قط فأهمني فيها إلا ما أقول وما يقال لي، وقد كان عامر بن عبد الله من خاشعي المصلّين، كان إذا صلّى ضربت ابنته بالدف، وتحدث النساء بما يردن في البيت، ولم يكن يعقل ذلك ولا يسمعه وقيل له ذات يوم: هل تحدث نفسك في الصلاة بشيء؟ قال: نعم بوقوفي بين يدي الله عزّ وجلّ ومنصرفي إلى إحدى الدارين، قيل: فهل تجد شيئاً مما نجده من أمور الدنيا؟ فقال: لأن تختلف الأسنة فيّ أحبّ إليّ من أن أجد شيئاً في الصلاة مما تجدون، وكان يقول: لو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً، وقد كان مسلم بن يسار من الزاهدين العاملين، كان إذا دخل في الصلاة يقول لأهله: تحدثوا بما تريدون وأفشوا سركم فإني لا أستمع إليكم، وكان يقول: وما يدريكم أين قلبي، وكان يصلّي ذات يوم في مسجد البصرة، فوقعت خلفه أسطوانة معقود بناؤها على أربع طاقات، فتسامع بها أهل السوق فدخلوا المسجد وهو يصلي كأنه وتد، وما انفتل من صلاته، فلما فرغ جاءه الناس يهنونه فقال: أي شيء تهنوني؟ قالوا: وقعت هذه الأسطوانة العظيمة وراءك فسلمت منها، قال: متى وقعت؟ قيل: وأنت تصلّي، قال: ما شعرت بها، وقال بعض المصلّين: الصلاة من الآخرة، فإذا دخلت في الصلاة خرجت من الدنيا، وسئل بعضهم: هل تذكر في صلاتك شيئاً؟ قال: وهل شيء أحبّ إليّ من الصلاة فأذكره فيها؟ وكان أبو الدرداء يقول: من فقه الرجل أن يبدأ بحاجته قبل دخوله في الصلاة ليدخل في الصلاة وقلبه فارغ.

وفي الخبر: أنّ عمار بن ياسر صلّى صلاة فخففها فقيل له: خففت يا أبا اليقظان، فقال: هل رأيتموني نقصت من حدودها شيئاً؟ قالوا: لا قال: لأني بادرت سهو الشيطان أنّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: إنّ العبد ليصلّي الصلاة لا يكتب له ثلثها ولا نصفها ولا ربعها ولا خمسها ولا سدسها ولا عشرها، وكان يقول: إنما يكتب للعبد

<<  <  ج: ص:  >  >>