للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طاعته بطاعته ولحاجة الكتاب العزيز إلى تفسير سنّته.

وقد روينا في حديث عمر عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الشيطان مع الواحد وهو من اثنين أبعد، ذئب أحدكم كذئب الشاة، يتبع الشاذة والقاصية، فمن أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة، ومن شذّ ففي النار، وروينا عن أبي غالب عن أبي أمامة: أنه نظر إلى رؤوس الحرورية جيء بها من البصرة فنصبت على الخشب بدمشق، قال: شر قتلى تحت ظل السماء وخير قتلى من قتلوه، ثم قال: كلاب النار، ثم قرأ: (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءِ الفتنة) آل عمران: ٧، ثم قرأ: (يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجوُهٌ وَتَسْوَدُّ) آل عمران: ١٦٠، فأما الذين اسودّت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم، ويشير بإصبعه إليهم، ثم بكى، فقلت: يا أبا أمامة تقول فيهم ما تقول؟ ثم بكى، فقال: قاتل الله إبليس ما صنع بهؤلاء الناس يا أبا غالب، إنهم كانوا على ديننا فأبكي مما هم لاقون، هؤلاء بأرضك كثير فأعيذك بالله منهم ثلاث مرات، فقلت: آمين يا أبا أمامة أشيء سمعته من رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو شيء تقوله من قبل رأيك؟ قال: إني إذاً لجريء ثلاث مرات، لقد سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير مرة ولا مرتين ولا ثلاث ولا أربع يقول: تفرقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، تزيد أمتي عليها فرقة، كلها في النار إلاّ السواد الأعظم فقال رجل كان معنا: يا أبا أمامة إنّ في السواد الأعظم بني فلان قال: وإن فعلوا فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم، والجماعة خير من الفرقة، والطاعة خير من المعصية، ثم نظر إلى الرؤوس فقال: أيغضبون لنا ويقتلوننا هذه رؤوس الخوارج وهم الحرورية الذين خرجوا على أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه بالنهروان؛ وهم أوّل قرن نبغ من المبتدعة وأوّل بدعة ابتدعت في الإسلام، وكانوا قرّاء المصاحف في أعناقهم والسجادات كركب المعزى في جباههم، فأنكروا عليه تحكيم الحكمين وسألوه أن ينقض حكمه فيرجع عنه وقالوا: لا حكم إلاّ لله، وأنكروا أمر السلطان ورأوا الخروج على الإمام، وكفروا عثمان وصوّبوا قتل غوغاء المصريين له، وطالبوا عليًّا عليه السلام أنّ يوافقهم على رأيهم ويتابعهم على أهوائهم على أن قاتلوا معه المسلمين إن رجع عن تحكيم الحكمين، وكفّروا أهل الكبائر بالمعاصي، فرأى على ما أراه الله تعالى وبما عهد إليه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من قتل المارقين فقتلهم فهؤلاء في النار، وقاتلوهم عليّ وأصحابه خير أهل الأرض عليّ يبغضه ويسبّه قبل أن يظهر منه ما ظهر، فخرج عليه عبد الله بن الكوافي ستة آلاف، فأرسل عليّ عليه السلام عبد اللّّه بن عباس إليهم يناظرهم ويحاجّهم، فسبّوه وبطشوا به، وجرأهم عليه ابن الكوافي هذا فقام خطيباً فيهم فقال: أتعرفوني بهذا أنا أعرفكموه: هذا من القوم الذين قال الله فيهم: ما ضربوه لك إلاّ جدلاً بل هم قوم خصمون،

<<  <  ج: ص:  >  >>