دونه أو أصغر منه؛ ومن هذا سميت الطرة كأنها مستخرجة من شيء كثير مجعولة على وصف لطيف، وكان بعض السلف يترك سباليه وهما طرفا الشارب ويحفي وسط شاربه، وروي هذا عن عمر وغيره، وكذلك رأيت أبا الحسن بن سالم رحمه الله تعالى يفعل فأما قوله: وأعفوا اللحى يعني كثروها، ومن هذا قول الله عزّ وجلّ (حَتّى عَفَوْا) الأعراف: ٩٥، أي كثروا، وفي الخبر أنّ اليهود يعفون شواربهم ويقصون لحاهم، فخالفوهم وردّ عمر بن الخطاب وابن أبي ليلى قاضي المدينة شهادة رجل كان ينتف لحيته ونتف الفينكين بدعة؛ وهما جنبتا العنفقة، شهد رجل عند عمر بن عبد العزيز بشهادة وكان ينتف فينكيه فردّ شهادته.
وورد عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: النهي عن نتف الشيب وقال: هو نور المؤمن ونهى عليه السلام عن الخضاب بالسواد قال: هو خضاب أهل النار، وفي لفظ آخر: الخضاب بالسواد خضاب الكفّار، وأمر صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أبا بكر أن يغير شيب أبيه، وقال: جنبه السواد وقال: هو خضاب أهل النار، وتزوج رجل على عهد عمر رضي الله عنه وكان يخضب بالسواد فنصل خضابه وظهرت شيبته فرفعه أهل المرأة إلى عمر فردّ نكاحه وأوجعه ضرباً، وقال: غررت القوم بالشباب ودلست عليهم شيبتك، وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الصفرة خضاب المسلمين، والحمرة خضاب المؤمنين، وكانوا يخضبون بالحناء للحمرة وبالخلوق والكتم للصفرة، ويقال: أوّل من خضب بالسواد فرعون لعنه الله، وقال سري بن المغلس السقطي: في اللحية شركان: تسريحها لأجل الناس وتركها متفتلة لإظهار الزهد، وقال أيضاً لو دخل عليّ داخل فمسحت لحيتي لأجله ظننت أني مشرك، وعن كعب وأبي الجلد وصفا قوماً يكونون في آخر الزمان يقصون لحاهم كذنب الحمامة ويعرقفون نعالهم كالمناجل أولئك لا آخلاق لهم، وذكر أيضاً عن جماعة أنّ هذا من أشراط الساعة، وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يكون في آخر الزمان قوم يخضبون بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة، وروي أبو المهزم عن أبي هريرة أنّ أصحاب الدجال عليهم السيجان شواربهم كالصياصي ونعالهم مخرطة؛ يعني شواربهم ملس تلوح، وأصل الصياصي القرون وهو جمع صيصة ومنه صيصة الديك الظفر الثاني الأملس مؤخر رجله كأنه عظم، وقوله عليهم