التكلف بالإخلاص وإظهار العلم بظهور التزيّن به، قال الثوري رحمه الله: زيّن نفسك بالعلم لولا تزيّن به؛ أي أدبها لله عزّ وجلّ فتكون زينًا في أوليائه، ولا تتزين به عند الناس ليمدحوك عليه ويلتبس الاختبار بالاختيار ما كان عن حاجة وتطرقت به إلى الله عزّ وجلّ، والاختيار ما زاد في الشهوة وكان سلماً إلى الخلق كالتباس ستر العورة من الثياب بالفاخر منها للنعمة والتكثر من الأسباب، ووقد يتطوع العبد بعمل يضيع به فرضًا وأحكام الفرض لجواز السلامة هو الفضل.
وقد روي: إذا دعي أحدكم للطعام فإن كان مفطرًا فليجب وإن كن صائمًا فليقل إني صائم، فأمره بإظهار عمله وهو يعلم أنّ الإخفاء أفضل، ولكن إظهار عمله من حيث لا يؤثر في قلب أخيه وجدًا أفضل من إخفائه لنفسه مع تأثير ذلك في قلب أخيه لتفضيل العمال على الأعمال، إذ الأعمال موقوفة على العامل، فإنما يعطي الثواب على قدر العامل لا على قدر العمل لتضعيف الجزاء لمن يشاء عزّ وجلّ على غيره في العمل لواحد، فدلّ ذلك أنّ المؤمن أفضل من العمل فقيل له: ارفع التأثير والكراهة عن قلب أخيك بإظهار عملك؛ فهو خير من إخفاء العمل مع وجد أخيك عليك، لأن أخاك إذا دعاك إلى طعام صنعه لك فلم تجبه ولم تعتذر إليه عذراً بيّناً يقبله منك ويعرفه شقّ عليه ذلك إن كان صادقًا في دعائك، قال ابن شبرمة: سأل كرز بن وبرة ربه عزّ وجلّ أن يعطيه الاسم الأعظم على أن لا يسأله شيئاً من أمر الدنيا، فأعطاه الله تعالى ذلك فسأل أن يقوي أن يختم القرآن في اليوم والليلة ثلاث مرات، فقيل لكرز: أتعبت نفسك في العبادة، فقال: كم مقدار الدنيا قيل سبعة آلاف سنة؟ قال: أما يرضى عبد أن يعمل سبعة آلاف سنة وينجو من يوم مقداره خمسين ألف سنة؟ وقال سري السقطي: ركعتان تخلصهماخير لك من أن تكتب سبعين حديثا أو قال سبعمائة حديث.