اعْترضُوا لَهُم، فقتولهم وَأخذُوا أَمْوَالهم. فَأرْسلت قُرَيْش إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تناشده الله وَالرحم لما أرسل، فَمن أَتَاهُ فَهُوَ آمن، فَأرْسل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهِم، فَأنْزل الله عز وَجل:{وَهُوَ الَّذِي كف أَيْديهم عَنْكُم وَأَيْدِيكُمْ عَنْهُم} حَتَّى بلغ: {حمية الْجَاهِلِيَّة}[سُورَة الْفَتْح] وَكَانَت حميتهم أَنهم لم يقرُّوا أَنه نَبِي الله، وَلم يقرُّوا ب (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم) وحالوا بَينهم وَبَين الْبَيْت.
وَقَالَ عقيل عَن الزُّهْرِيّ:
قَالَ عُرْوَة: فأخبرتني عَائِشَة أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يمتحنهن. وبلغنا أَنه لما أنزل الله تَعَالَى أَن يردوا إِلَى الْمُشْركين مَا أَنْفقُوا على من هَاجر من أَزوَاجهم، وَحكم على الْمُسلمين أَلا يمسكوا بعصم الكوافر، أَن عمر طلق امْرَأتَيْنِ: قريبَة بنت أبي أُميَّة، وَابْنَة جَرْوَل الْخُزَاعِيّ، فَتزَوج قريبَة مُعَاوِيَة، وَتزَوج الْأُخْرَى أَبُو جهم. فَلَمَّا أَبى الْكفَّار أَن يقرُّوا بأَدَاء مَا أنْفق الْمُسلمُونَ على أَزوَاجهم، أنزل الله تَعَالَى:{وَإِن فاتكم شيءٌ من أزواجكم إِلَيّ الْكفَّار فعاقبتم}[الممتحنة] وَالْعِقَاب: مَا يُؤَدِّي الْمُسلمُونَ إِلَى من هَاجَرت امْرَأَته من الْكفَّار. فَأمر أَن يعْطى من ذهب لَهُ زوجٌ من الْمُسلمين مَا أنْفق من صدَاق النِّسَاء الْكفَّار اللائي هَاجَرْنَ، وَمَا نعلم أحدا من الْمُهَاجِرَات ارْتَدَّت بعد إيمَانهَا. وبلغنا أَن أَبَا بَصِير بن أسيد الثَّقَفِيّ قدم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُؤمنا مُهَاجرا فِي الْمدَّة، فَكتب الْأَخْنَس بن شريق إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يسْأَله أَبَا بَصِير ... فَذكر الحَدِيث.
وَفِي حَدِيث يحيى بن بكير:
أَن عُرْوَة سمع مَرْوَان والمسور يخبران عَن أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَا: لما كَاتب سُهَيْل بن عَمْرو يومئذٍ، كَانَ فِيمَا اشْترط سُهَيْل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: أَن لَا يَأْتِيك منا أحد - وَإِن كَانَ على دينك - إِلَّا رَددته إِلَيْنَا، وخليت بَيْننَا وَبَينه، فكره الْمُؤْمِنُونَ ذَلِك، وامتعضوا مِنْهُ، وأبى سهيلٌ إِلَّا ذَلِك، فكاتبه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على ذَلِك، فَرد يومئذٍ أَبَا جندل إِلَى أَبِيه سُهَيْل. وَلم يَأْته أحدٌ من الرِّجَال إِلَّا رده فِي تِلْكَ الْمدَّة وَإِن كَانَ مُسلما.