ذَلِك. وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين أظهرنَا، وَعَلِيهِ ينزل الْقُرْآن، وَهُوَ يعرف تَأْوِيله، وَمَا عمل بِهِ من شيءٍ عَملنَا بِهِ، وَأهل بِالتَّوْحِيدِ:" لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك، لَا شريك لَك لبيْك، إِن الْحَمد وَالنعْمَة لَك وَالْملك، لَا شريك لَك " وَأهل النَّاس بِهَذَا الَّذِي يهلون بِهِ، فَلم يرد عَلَيْهِم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا مِنْهُ، وَلزِمَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بتلبيته.
قَالَ جَابر: لسنا ننوي إِلَّا الْحَج، لسنا نَعْرِف الْعمرَة، حَتَّى إِذا أَتَيْنَا الْبَيْت مَعَه اسْتَلم الرُّكْن فَرمَلَ ثَلَاثًا، وَمَشى أَرْبعا، ثمَّ نفذ إِلَى مقَام إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام فَقَرَأَ:{وَاتَّخذُوا من مقَام إِبْرَاهِيم مصلى}[سُورَة الْبَقَرَة] ، فَجعل الْمقَام بَينه وَبَين الْبَيْت، فَكَانَ يَقُول - وَلَا أعلمهُ ذكره إِلَّا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كَانَ يقْرَأ فِي الرَّكْعَتَيْنِ {قل هُوَ الله أحد} ، {قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ} ، ثمَّ رَجَعَ إِلَى الرُّكْن فاستلمه، ثمَّ خرج من الْبَاب إِلَى الصَّفَا، فَلَمَّا دنا من الصَّفَا قَرَأَ:{إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله}[سُورَة الْبَقَرَة] ، " أبدأ بِمَا بَدَأَ بِهِ الله " فَبَدَأَ بالصفا فرقي عَلَيْهِ حَتَّى رأى الْبَيْت، فَاسْتقْبل الْقبْلَة، فَوحد الله وَكبره، وَقَالَ:" لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير، لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده، أنْجز وعده، وَنصر عَبده، وَهزمَ الْأَحْزَاب وَحده ". ثمَّ دَعَا بَين ذَلِك. قَالَ هَذَا ثَلَاث مَرَّات، ثمَّ نزل إِلَى الْمَرْوَة حَتَّى انصبت قدماه فِي بطن الْوَادي رمل، حَتَّى إِذا صعدنا مَشى حَتَّى أَتَى الْمَرْوَة، فَفعل على الْمَرْوَة كَمَا فعل على الصَّفَا، حَتَّى إِذا كَانَ آخر طواف على الْمَرْوَة قَالَ:" لَو أَنِّي اسْتقْبلت من أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرت لم أسق الْهَدْي، وجعلتها عمْرَة، فَمن كَانَ مِنْكُم لَيْسَ مَعَه هدي فليحل وليجعلها عمْرَة ". فَقَامَ سراقَة بن جعْشم فَقَالَ: يَا رَسُول الله، ألعامنا هَذَا أم لأبد؟ فشبك رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَصَابِعه وَاحِدَة فِي الْأُخْرَى وَقَالَ:" دخلت الْعمرَة فِي الْحَج " مرَّتَيْنِ. " لَا بل لأبدٍ أبدٍ ".
وَقدم عليٌّ من الْيمن ببدن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَوجدَ فَاطِمَة مِمَّن حل، ولبست ثيابًا صبيغاً، واكتحلت، فَأنْكر ذَلِك عَلَيْهَا، فَقَالَت: أبي أَمرنِي بِهَذَا. قَالَ: وَكَانَ عليٌّ رَضِي الله عَنهُ وعنها يَقُول بالعراق: فَذَهَبت إِلَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم محرشاً على فَاطِمَة