للَّذي صنعت، مستفتياً لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِيمَا ذكرت عَنهُ، فَأَخْبَرته أَنِّي أنْكرت ذَلِك عَلَيْهَا، فَقَالَ: " صدقت صدقت. مَاذَا قلت حِين فرضت الْحَج؟ " قَالَ: قلت: اللَّهُمَّ إِنِّي أهل بِمَا أهل بِهِ رَسُولك صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ: " فَإِن معي الْهَدْي، فَلَا تحل ".
قَالَ: فَكَانَ جمَاعَة الْهَدْي الَّذِي قدم بِهِ عليٌّ من الْيمن، وَالَّذِي أَتَى بِهِ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مائَة. قَالَ: فَحل النَّاس كلهم وَقصرُوا إِلَّا النَّبِي وَمن كَانَ مَعَه الْهَدْي.
فَلَمَّا كَانَ يَوْم التَّرويَة توجهوا إِلَى منى، فأهلوا بِالْحَجِّ، وَركب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فصلى بهَا الظّهْر وَالْعصر، وَالْمغْرب وَالْعشَاء، وَالْفَجْر. ثمَّ مكث قَلِيلا حَتَّى طلعت الشَّمْس، وَأمر بقبةٍ من شعر تضرب لَهُ بنمرة. فَسَار رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَا تشك قريشٌ إِلَّا أَنه واقفٌ عِنْد الْمشعر الْحَرَام كَمَا كَانَت قريشٌ تصنع فِي الْجَاهِلِيَّة.
فَأجَاز رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أَتَى عَرَفَة، فَوجدَ الْقبَّة قد ضربت لَهُ بنمرة، فَنزل بهَا، حَتَّى إِذا زاغت الشَّمْس أَمر بالقصواء فرحلت لَهُ، فَأتى بطن الْوَادي فَخَطب النَّاس، وَقَالَ:
إِن دماءكم وَأَمْوَالكُمْ حرامٌ عَلَيْكُم كَحُرْمَةِ يومكم هَذَا، فِي شهركم هَذَا، فِي بلدكم هَذَا. أَلا إِن كل شيءٍ من أَمر الْجَاهِلِيَّة تَحت قدمي موضوعٌ، وَدِمَاء الْجَاهِلِيَّة مَوْضُوعَة، وَإِن أول دمٍ أَضَع من دمائنا دم ابْن ربيعَة بن الْحَارِث، كَانَ مسترضعاً فِي بني سعد، فَقتلته هذيلٌ. وَربا الْجَاهِلِيَّة مَوْضُوع. وَأول رَبًّا أَضَع ربانا، رَبًّا عَبَّاس بن عبد الْمطلب، فَإِنَّهُ موضوعٌ كُله. فَاتَّقُوا الله فِي النِّسَاء، فَإِنَّكُم أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَان الله، واستحللتم فروجهن بِكَلِمَة الله. وَلكم عَلَيْهِنَّ أَلا يوطئن فرشكم أحدا تَكْرَهُونَ، فَإِن فعلن ذَلِك فاضربوهن ضربا غير مبرحٍ، ولهن عَلَيْكُم رزقهن وكسوتهن بِالْمَعْرُوفِ. وَقد تركت فِيكُم مَا لن تضلوا بعده إِن اعْتَصَمْتُمْ بِهِ: كتاب الله. وَأَنْتُم تسْأَلُون عني، فَمَا أَنْتُم قَائِلُونَ؟ " قَالُوا: نشْهد أَنَّك قد بلغت، وَأديت وَنَصَحْت. " وَقَالَ بإصبعه السبابَة يرفعها إِلَى السَّمَاء وينكتها إِلَى النَّاس: " اللَّهُمَّ اشْهَدْ، اللَّهُمَّ اشْهَدْ " ثَلَاث مَرَّات.
ثمَّ أذن ثمَّ أَقَامَ فصلى الظّهْر، ثمَّ أَقَامَ فصلى الْعَصْر، وَلم يصل بَينهمَا شَيْئا، ثمَّ ركب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى أَتَى الْموقف، فَجعل بطن نَاقَته الْقَصْوَاء إِلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute