كانت قبل أن تخربها التتر في مستوٍ من الأرض إلى الطول ماهي، مبنية بالحجر والكلس، متسعة الشوارع، ولها سور منيع، وربضٌ عليه سورٌ أيضا متصل بسور المدينة، وقلعة كانت تسمى قديما المدور وهي أحد هياكل الصابئة التي كانت بحرّان بناءها الملك العادل سيف الدين، أبو بكر، محمد ابن أيوب.
وللمدينة سبعة أبواب: باب الرقة وهو مسدود -.
والباب الكبير.
وباب البيار.
وباب يزيد.
وباب الفدان.
والباب الصغير.
وباب السر.
وباب الماء - وكان مسدودا - ويقال: إن في برج " هذا الباب " حيتين من نحاس هما طلمسان للحيات ولربضها " أيضا أبواب ": وهي بين نهرين يسمى أحدهما: نهر ديصان، والآخر: نهر جلاب. ولها من هذا النهر مجار إلى مصانع متخذة فيها كثيرة. وخروج هذا النهر من قرية تدعى الدب وهو يسقي حران ويدخل إلى بعض آدر البلد، وإلى الجامع، وإلى مصانع السبيل على قناطر معقودة.
وهذه الآبار مالحة يطلق عليها الماء في شهر كانون الثاني، فيبقى الحلو فوق المالح لا يختلط به، ويستعمله الناس إلى أن ينفد.
وبها أربع مدارس كلها حنبلية: ١ - مدرسة أنشأها نور الدين محمود.
٢ - ومدرسة أنشأها شمس الدين شقير.
٣ - ومدرسة أنشأتها الحاجة ست النعم، نسيبة شرف الدين بن العطار.
٤ - ومدرسة أنشأها شمس الدين، أبو محمد بن سلامة بن العطار.
وبها خانقاه أنشأها نور الدين محمود.
وبها خانقاه أنشأها جمال الدين شاذنخت " موقوفة " على الفقراء عامة من العرب والعجم.
وبيمارستان أنشأه مظفر الدين صاحب إربل، وكان دارا له يسكنها فوقفها.
وبها من المزارات: ١ - مسجد إبراهيم الخليل - عليه السلام -.
٢ - ومسجد به صخرة يقال إن إبراهيم - عليه السلام - كان يستند إليها.
وجدد جامعها نور الدين " محمود بن زنكي " وزاد فيه، وكان هيكلاً للصابئة عظيما، أخذه منهم عياض ابن غنم لما فتح حران وعوضهم عنه موضعا آخر عمروه بحران وكان بأيديهم إلى أن خربه يحيى بن الشاطر - متولي حران - من قبل شرف الدولة " مسلم بن قريش ".
طالعها الجوزاء وعطارد. طولها سبع وسبعون درجة. عرضها ست وثلاثون درجة وأربعون دقيقة.
ذكر بنائص
وإلى من تنسب
يقال: إنها بنيت بعد الطوفان بمائتين وخمس وسبعين سنة. بناها هارون، ويقال: آران باسم ملكها. فعربتها العرب فقالوا: حران، وذلك أن الهاء والحاء " من حروف الحلق، فأبدلوا من الحاء " هاء، ثم أسقطوا الألف تخفيفا.
هذا القول حكاه " أبو " منصور، موهوب بن " أحمد بن محمد بن " الخضر الجواليقي في كتاب: المعرب.
وقال محمد بن جرير الطبري في تاريخه: إن سارة ابنة هاران الأكبر - عم إبراهيم الخليل - ملك حران، ويقال: إن نوحا خطها عند انقضاء الطوفان وخط سورها بنفسه، ثم دمشق بعدها.
وقيل: إن إبراهيم - عليه السلام - قال: أخبرني ربي أن حران أول مدينة وضعت على وجع الأرض، وهي العجوز ثم بابل، " ثم مدينة " نينوى، ثم دمشق ثم صنعاء اليمن، ثم إنطاكية، ثم رومية.
ويقال: إن إبراهيم كان له أخوان أكبر منه، يقال لأحدهما: آران، وبه سميت حران.
وذكر صاحب كتاب ابتداء عمران البلدان في كتابه فقال: حران، بنيت لمئتين وخمس وسبعين سنة بعد الطوفان بناها قينان بن أرفخشذ بن سام بن نوح وسماها: آران.
ودخلها من الأنبياء - فيما زعم أهل التواريخ القديمة - نوح، وإبراهيم، ويعقوب، وعيسى.
[ذكر ملوكها]
قد ذكرنا من ملكها مع سائر بلاد الجزيرة بعد فتحها إلى أن انتهينا إلى آخر دولة بني حمدان مجملة؛ إذ لم يمكن تفصيل بلادها حينئذ، ثم ملكها بعدهم وثاب ابن سابق النميري وكان نائبا عن سعيد الدولة قبل موته. فلما مات استبد بها، ولم يزل متوليا عليها إلى أن مات سنة عشر وأربعمائة.