" كان داود عليه السلام ابتدأ بعمارة بيت المقدس، فتوفي قبل إتمامه فاستتمه سليمان، وأتم بناء مدينة " إيليا ". وكان أبوه ابتدأها قبله. وبنى المسجد بناء لم يرى الناس مثله. وكان يضيء في ظلمة الليل " الحندس " إضاءة السراج الزاهر، لكثرة ما جعل فيه من الذهب والجواهر. وفرغ منه في سبع سنين. وجعل اليوم الذي فرغ منه عيداً في كل سنة ".
وقرأت في " تاريخ محبوب قسطنطين المنبجي " قال: " مكتوب أن بعد ما خرج نوح من السفينة بزمان قبل أن سكن إبراهيم في أرض الموعْد، من بلاد الشامن بنى " ملكزدق " الحبر على قبر آدم بيت المقدس. وأن الله - تبارك وتعالى - خصه، وعرفه، مكان قبر آدم عليه السلام ".
" وعن كعب قال: بنى سليمان بيت المقدس على أساسٍ قديم كما بنى إبراهيم الكعبة على أساس قديم " قال: والأساس القديم الذي كان لبيت المقدس أسسه سام بن نوح. ثم بناه داود، وسليمان - عليهما السلام - على ذلك الأساس.
[لمعة من فضائله]
عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " من زار بيت المقدس محتسباً لله عزّ وجلّ حرم الله لحمه وجسمه على النار ".
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إنما الرحال إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدكم هذا، ومسجد ايليا ".
وعن كعب قال: " إن الله عز وجلّ ينظر إلى بيت المقدس كل يوم مرتين. وعن ابن حليس أن عبد الملك سأل نوفاص البكالي هل سمعت في بيت المقدس شيئاً قال نوف: في كتاب الله عز وجل المنزَّل أن الله عز وجل يقول: فيك ستّ خصالٍ، فيك مقامي، وحسبي، ومحشري، وجنتي، وناري، وميزاتي ".
وعن وهب بن منبه: قال " أهل بيت المقدس جيرانٌ الله عز وجل. وحق على الله تعالى أن لا يعذب جاره ".
وعن كعب قال: " لا تقوم الساعة حتى يزور البيت الحرام بيت المقدس، فينقادا إلى الجنة جميعا وفيهما أهلوهما ".
وعن عبد الملك الجزري أنه قال: " إذا كانت الدنيا في بلاء وقحط كان الشام في رخاء وعافية. وإذا كان الشام في بلاء وقحط كانت فلسطين في رخاء وعافية. وإذا كانت فلسطين في بلاء وقحط كان بيت المقدس في رخاء وعافية ".
وقال خالد بن معدان: " مقبور بيت المقدس لا يعذب ".
[فضل الصخرة]
عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال " صخرةُ بيت المقدس من صخور الجنة ".
وعن سعيد بن عبد العزيز قال: " لما فتح عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - بيت المقدس وجد على الصخرة زبلاً كثيرا مما طرحه الروم غيظاً لبني إسرائيل، فبسط عُمر رداءه، وجعل يكنس ذلك الزبل، وجعل المسلمون يكنسون معه.
وعن شيخ من ولد شدّاد بن أوس عن أبيه عن جده قال: فتقدّم عمر - رضي الله عنه - حتى ملأ أسفل ثوبه من المزبلة التي كانت في بيت المقدس، فحمل وحملنا في ثيابنا مثل ما حمل حتى ألقيناه في الوادي.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما أسري بي إلى بيت المقدس مرّ بي جبريل - عليه السلام - إلى قبر إبراهيم صلى الله عليه وسلم، وقال: انزلْ فصلْ ها هنا ركعتين فإن ها هُنا قبر أبيك إبراهيم. ثم مرّ بي ببيت لحم، فقال: انزلْ فصلّ ها هنا ركعتين فانَّ ها هنا ولد أخوك عيسى. ثم أتي بي إلى الصخرة فقال: من ها هُنا عرج أمر ربك إلى السماء، فألهمني الله عزّ وجلّ أن قُلتٌ: نحن بموضع عرج منه أمر ربي فصليت بالنبيين، ثم عرج بي إلى السَّماء.
ذكر خراب بيت المقدس بعد بنائه ِ