للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولم تزل في يد الملك العادل إلى أن مات، واستولى عليها الملك الأشرف، ولم تزل في يده إلى أن توفي في رابع المحرم سنة خمس وثلاثين وستمائة. فقصدها الملك الصالح نجم الدين أيوب ابن الملك الكامل فأخذها، ولم تزل في يده إلى أن توفي والده في رجب سنة خمس وثلاثين " ثم " قصده، وهو بسنجار بدر الدين لؤلؤ - صاحب الموصل - فنازله وحاصره، واستولى على نصيبين فبعث الملك الصالح إلى الخوارزمية ولده الملك المُغيث وبدر الدين - قاضي سنجار -. وكانوا في ديار مضر وأرغبهم في البلاد، ووعدهم بها إن هُم رحّلوا عنه بدر الدين فساروا إلى نصيبين فملكوها، واستولوا عليها. ورحّلوا بدر الدين عن سنجار. وسنذكر هذه الوقائع على ما وقعت، مبينة واضحة في تاريخنا الذي جعلناه ذيلا لتاريخ ابن الأثير.

ولم تزل البلاد التي استولوا عليها في أيديهم إلى أن كسرهم الملك الناصر صلاح الدين يوسف - صاحب حلب - في سنة ثمان وثلاثين واستولى على ما كان بأيديهم. فسار بدر الدين إلى دارا ونصيبين وولى فيهما، فاسترجع منه نصيبين وأبقى عليه دارا، وبقيت في يد نوابه إلى أن التجأت الخوارزمية إلى شهاب الدين غازي، فوصل بهم إلى نصيبين فأخذوها وولى فيها، فسار إليه عسكر الملك الناصر، ومقدمه صاحب حمص، فكسروه واستولوا على نصيبين مرة ثانية. وأقطع بعضها لصاحب الموصل وما زال باقيها في يده، إلى أن انضافت الخوارزمية إلى صاحب ماردين، فخرج عسكر حلب مقدمه الملك المعظم وجمال الدولة، وقصد دُنيسر في بقية سنة أربعين وضايقوها إلى أن وقع الاتفاق على أن أعطوا رأس العين لصاحب ماردين وأعطوا نصيبين للخوارزمية. ولم تزل في ايديهم إلى أن هربوا من التتار لما قصدوا بلاد الروم وأخلوا البلاد، وقصدوا الساحل.

فأقطع الملك الناصر صلاح الدين نصيبين لصاحب ماردين ولصاحب الموصل وللملك المعظم ابن الملك الصالح - صاحب حصن كيفا - وولي عليها من قِبله. ولم تزل في يده إلى أن قصدت التتر ميافارقين فوصل شهاب الدين غازي إلى نصيبين هاربا بين أيديهم. ثم رحلوا عنها في سنة اثنتين وأربعين وعاد شهاب الدين إلى ميافارقين فسار إلى نصيبين صاحب ماردين الملك السعيد نجم الدين إيلغازي في سنة ثلاث وأربعين واستولى عليها، وبقيت يف يده إلى أن وصل الشيخ نجم الدين الباذرائي - رسول الديوان العزيز المستعصمي - وأصلح بين صاحب الموصل وصاحب ماردين على أن تكون نصيبين على القاعدة التي قررها الملك الناصر - صاحب حلب - في سنة خمس وأربعين.

ثم نقض بدر الدين لؤلؤ هذه القاعدة، وصد نصيبين واستولى عليها، وأزج عسكر صاحب ماردين، وذلك في سنة ست وأربعين فخرج الملك المعظم من حلب في عسكر واجتمع بصاحب ماردين وكسروا بدر الدين في سابع شهر ربيع الآخر من السنة، وتسلموا نصيبين من علم الدين قيصر الموصلي.

وكان بدر الدين قد بنى قلعتها، وله بها خزانةٌ، وولى فيها من قِبل الملك الناصر، وأقطع من ضياعها لصاحب ماردين سبعين قرية.

وبقيت في يد الملك الناصر إلى أن استشفع بدر الدين بالخليفة المستعصم إلى الملك الناصر في نصيبين، فنزل له عنها، ورتب عليه مالا يحمله في كل سنة، وأقطع صاحب ماردين عوضا عن سهمه الذي كان له في قراها ماكسين والمجدل وقرى من الخابور، وبقيت في يد بدر الدين إلى أن قصدها الملك السعيد - صاحب ماردين - فملكها في سنة إحدى وخمسين وبقيت في يده إلى أن وصل الشيخ الباذرائي - رسول الديوان العزيز - مع الصاحب كمال الدين ابن العديم، وأصلح بين صاحب الموصل وصاحب ماردين على أن تكون لصاحب الموصل فتسلمها في سنة ثلاث وخمسين واستمرت في يده إلى أن توفي في شعبان سنة سبع وخمسين وستمائة. وبقيت من بعده في يد ولده الملك الصالح إسماعيل مع الموصل إلى أن استولت التتر على البلاد الشامية في سنة ثمان وخمسين. فهرب الملك الصالح من الموصل وقصد باب السلطان الملك الظاهر في سنة تسع وخمسين. فولت التتر في بلاده نوابا. ولم تزل نصيبين في أيديهم إلى سنة إحدى وستين، فضمنها منهم الملك المظفر قرا أرسلان ابن الملك السعيد غازي - صاحب ماردين - واستولى عليها، وفي يده إلى عصرنا الذي وضعنا فيه هذا الكتاب.

[دارا]

قال ابن حوقل: " وهي مدينة، كانت، طيبة في نفسها " وإنما تغيرت في أيام بني حمدان، وكانت مضافة إلى نصيبين " - هنا انتهى كلامه -.

<<  <   >  >>